دراسة لجامعة حمد بن خليفة حول تأثير مجموعات الجري النسائية على المشهد الرياضي في قطر

كشف البحث الذي أجرته كلية العلوم والهندسة عن التقدم الملحوظ الذي حققته مجموعات الجري المخصصة للنساء بدولة قطر في تعزيز مشاركة المرأة في المجال الرياضي بما يتماشى مع العادات والتقاليد الثقافية للدولة. 

ويهدف البحث لاستكشاف الآلية التي تساهم فيها هذه المبادرات البحثية في إعادة تشكيل المشهد الرياضي في قطر، وأعدت البحث فرح زياد علي، الخبيرة الاستراتيجية للمحتوى في مؤسسة قطر، وخريجة برنامج ماجستير العلوم في إدارة الأنشطة الرياضية والفعاليات بجامعة حمد بن خليفة، وتحت إشراف الدكتور كريستوس أناجنوستوبولوس، الأستاذ المساعد في كلية العلوم والهندسة ومؤسس كرسي اليونسكو للحوكمة والمسؤولية الاجتماعية في الرياضة.

كما ركز البحث على تقصي دور مجموعات الجري النسائية في ظل التغيرات المستمرة للبيئة الرياضية في دولة قطر، في وقت تواصل فيه الدولة دعم المبادرات التي تشجع على مشاركة المرأة في المجال الرياضي بما يتماشى مع رؤيتها الوطنية 2030؛ ولهذه الدراسة أهمية كبيرة في تسليط الضوء على إعلان مؤسسة قطر عن خططها لتحويل استاد المدينة التعليمية إلى واحة رياضية مخصصة للنساء والفتيات.

وتطرق البحث أيضًا للفجوة الكبيرة بين الجنسين في مجال الرياضة، حيث تقدر نسبة النساء المسجلات بالاتحادات الرياضية بأقل من 10%، ومن خلال مراقبة وتفحص أربع مجموعات للجري مخصصة للنساء فقط في قطر: Athletic Edge، وRun the World، وThe Running Club، و5am Club أظهرت النتائج دور هذه المؤسسات الوطنية في توفير أماكن رياضية تتماشى مع الثقافة وتدعم المبادرات التي تدعو لزيادة المشاركة النسائية. 

كما تضمن البحث إجراء مقابلات شخصية مع عضوات في هذه المجموعات، من مُؤسِسات، ومديرات، ومدربات، وعضوات دائمات، وكان نصف عدد المشاركات من القطريات، والنصف الآخر من المقيمات الوافدات - معظمهن من خلفيات عربية وإسلامية - الأمر الذي ساعد في تباين وجهات النظر داخل مجتمع الجري النسائي.

وفي هذا الإطار، قالت فرح زياد علي: "النتائج التي توصلنا إليها تكشف منظورًا مختلفًا لتعزيز دور المرأة في المجال الرياضي؛ ففي السياق الثقافي القطري، لا تُعتبر الأماكن المخصصة لكلا الجنسين على حدة عقبات يجب تجاوزها، بل هي أدوات لازمة لتسهيل مشاركة الطرفين وضمان المواءمة الثقافية".

وقد كشف البحث عن أحد أهم التحديات الرئيسية: نقص الأماكن المخصصة والمغلقة للنساء، الأمر الذي يحد من مشاركتهن بفعالية في المجال؛ وتتصدى مجموعات الجري لهذا التحدي من خلال اختيار توجهات، ومواقيت، وأماكن تحترم الثقافة المحلية. كما تناول البحث سعي هذه المجموعات للتغاضي في أغلب الأوقات عن تحقيق أرباح عالية وفرض رسوم عضوية منخفضة لضمان سهولة الوصول والاشتراك، وشددت الدراسة أيضًا على أهمية وجود مدربات مُلِمات بالثقافة المحلية، نظرًا لدورهن الهام في تلبية احتياجات المشاركات.

وأضافت فرح: "إن توفير الأماكن المخصصة للنساء، بما يتوافق مع قيمهن الثقافية، يمهد الطريق لمشاركتهن الفعّالة والمستدامة ويعزز نشاطهن البدني، ويثبت نجاح ورواج هذه الأماكن ضرورة اتباع نهج ثقافي لتطوير المجال الرياضي". 

كما سلط الدكتور كريستوس أناجنوستوبولوس الضوء على أهمية مواءمة تطوير المجال الرياضي احتياجات المرأة، قائلًا: "إن فهم ما تحتاجه المرأة في المجال الرياضي هو الخطوة الأولى والأهم، ويليه أهمية تمكين المرأة من تقلد أدوار قيادية في عمليات اتخاذ القرار لإحداث تغيير مستدام"، حيث إن رحلة تمكين المرأة في إدارة المجال الرياضي تبدأ بالإنصات بتمعن لآراء ومقترحات الرياضيات في كلا المستويين الترفيهي والاحترافي وتلبية احتياجاتهن، ويجب أخذ وجهات نظر النساء بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات التي تؤثر بشكل مباشر على المرأة، لتعزيز فهم أعمق وأكثر مواءمة لرؤاهن الفريدة". 

وقد أُجري هذا البحث الشامل تحت رعاية كرسي اليونسكو للحوكمة والمسؤولية الاجتماعية في الرياضة، والذي تم تأسيسه في مارس 2023 في كنف كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة. وتهدف هذه المبادرة البحثية للمساهمة في تطوير مشاركة المرأة في المجال الرياضي بدولة قطر بشكل مستدام وملائم للقيم الثقافية.

كتب هذا المقال الدكتور كريستوس أناجنوستوبولوس، أستاذ مساعد في كلية العلوم والهندسة ومؤسس كرسي اليونسكو للحوكمة والمسؤولية الاجتماعية في الرياضة. 

* تنشر إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة هذا المقال بالنيابة عن مؤلفه، والأفكار والآراء الواردة فيه تعبر عن الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.