رؤى مقدّمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي حول اضطراب طيف التوحد

رؤى مقدّمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي حول اضطراب طيف التوحد

02 أبريل 2021

رؤى مقدّمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي حول اضطراب طيف التوحد

بلغ معدل انتشار التوحد في دولة قطر في الفترة من 2015 إلى 2018 نسبة 1.14٪ لدى الأطفال في سن المدرسة (من 6 إلى 11 عامًا)، مما يعني أنه من بين كل 87 طفلاً، هناك طفل واحد مصاب بالتوحد [1]. وعلى الصعيد العالمي، يُحتفى بالشهر العالمي للتوعية بالتوحد في أبريل من كل عام باعتباره شهرًا لتعزيز الوعي بالتوحد ودعم مجتمعات المصابين به. في هذه الحلقة من سلسلة الرؤى المقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، تقدم الدكتورة عبير الشمري، زميل أبحاث بالمعهد، التابع لجامعة حمد بن خليفة، نظرة عامة عن التوحد، حيث تركز أبحاثها على السياق المناعي في هذا النوع من الاضطرابات على وجه التحديد.

ما هو التوحد؟

التوحد هو خلل في النمو العصبي يصاحبه تحديات صعبة في التفاعلات الاجتماعية، ومهارات الكلام والاتصال غير اللفظي، فضلاً عن سلوكيات محدودة ومتكررة، مثل إشارات اليدين والقفز. ويرتبط بالتوحد بعض الحالات الطبية الشائعة، مثل الإعاقة الذهنية، والقلق، واضطرابات النوم، والصرع [2]. وعادة ما تظهر أعراض التوحد على الطفل المصاب به خلال السنوات الثلاث الأولى من حياته. في الواقع، يشمل التوحد طيفًا كاملاً من الاضطرابات، ما يعني أن الأفراد المصابين تظهر عليهم الأعراض بدرجات تتفاوت في شدتها. فبعض مصابي التوحد لا يتلفظون، بينما يمكن للآخرين التحدث من خلال مهارات لغوية محدودة، وقد يحتاج البعض منهم إلى دعم كبير لأداء الروتين اليومي والرعاية الذاتية، بينما يمكن لآخرين العيش بشكل مستقل في ظل دعم محدود من الأسرة أو مُقدّم الرعاية. وبالتالي، تختلف الخطورة الإكلينيكية لأعراض التوحد إلى حد كبير بين الأفراد المصابين. ولا يوجد علاج للتوحد في الوقت الحالي على الرغم من أن برامج التدخل والدعم المبكر، مثل تعلّم الكلام والسلوك والعلاج التأهيلي تعتبر فعالة في تحسين النتائج لدى الأطفال المصابين بالتوحد [3].

عوامل خطر التوحد - تحليل دور جهاز المناعة

لا يزال السبب الحقيقي للتوحد غير واضح، ولكن من المرجح أن تزيد العوامل الوراثية والبيئية والتفاعل المعقد بين هذه العوامل من خطر الإصابة بهذا الاضطراب (الشكل 1). علاوة على ذلك، تدعم الأدلة الناشئة وجود صلة بين جهاز المناعة والتوحد. ومن المثير للاهتمام أن الدراسات الجينية حول التوحد قد كشفت أن العديد من الجينات المرتبطة بالتوحد لها صلة بجهاز المناعة. علاوة على ذلك، من المعروف أيضًا أن غالبية عوامل الخطر البيئية المرتبطة بالاضطراب، مثل المواد السامة والالتهابات، تحفز الاستجابات المناعية [6-4].

الشكل (1) عوامل الخطر المرتبطة بالتوحد. (المصدر: https://www.neurogen.in/autism)

الشكل (1) عوامل الخطر المرتبطة بالتوحد. (المصدر: https://www.neurogen.in/autism)

أفادت العديد من الدراسات أن الحالات المناعية، مثل الحساسية، والربو، والالتهاب الجلدي، ومضاعفات الجهاز الهضمي، أكثر شيوعًا بين الأفراد المصابين بالتوحد مقارنة بعامة الناس [7]. تقدّم لنا هذه الملاحظات دليلاً راسخًا على وجود خلل في التنظيم المناعي لدى الأفراد المصابين بالتوحد، وتتطلب مزيدًا من الفهم لكيفية مساهمة جهاز المناعة في زيادة خطر الإصابة بهذا الاضطراب. وفي الواقع، يحتوي الدم على أنواع مختلفة من الخلايا المناعية التي تنتشر في جميع أنحاء الجسم للتوسط بين مهام جهاز المناعة وقدرته على الاستجابة. ومن الجدير بالذكر أن الدراسات السابقة قد أفادت بحدوث خلل في الخلايا المناعية المنتشرة لدى الأفراد المصابين بالتوحد. ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة مهمة يجب الإجابة عليها، وهي: ما الذي يسبب الخلل المناعي لدى مرضى التوحد؟ وكيف ترتبط هذه التغيّرات المناعية وظيفيًا باضطراب طيف التوحد؟

في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، يلتزم مختبر الدكتورة عبير الشمري بمعالجة هذه الجوانب ذات الأهمية الكبيرة فيما يتعلق بالفهم الأساسي للفيزيولوجيا المرضية للتوحد (الشكل 2). ويتعاون مختبر الدكتورة عبير مع جهات محلية وطنية، مثل مركز تطوير الطفل التابع لمؤسسة حمد الطبية، لتسجيل الأطفال الصغار المصابين بالتوحد، ومع مؤسسة الرعاية الصحية الأولية في تسجيل ضوابط المواءمة (الأطفال الذين لم يتم تشخيص إصابتهم بالتوحد). ويجري تقييم المشاركين المسجلين من الناحية السلوكية، وتجميع تاريخهم المرضي وعينات الدم. وفي مختبر الدكتورة عبير، يتم عزل وتحليل الخلايا المناعية في عينات الدم من أجل التعرف على نوع محدد من الخلايا المناعية التي يتم تعديلها لدى مجموعة من الأفراد المصابين بالتوحد. وبعد ذلك، يقومون بفحص الآليات الجزيئية الأساسية وتفاعلات الشبكة التي من المحتمل أن تؤدي إلى هذا الخلل الوظيفي؛ لاستهداف هذه العوامل في النهاية كإمكانية للوصول إلى علاج للتوحد في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، يهدف مختبرها أيضًا إلى دراسة الصلة الإكلينيكية التحويلية لمثل هذا التغيير في الخلايا المناعية المنتشرة بالنمط الظاهري ووظيفة الخلايا المرتبطة بالمخ، مثل الخلايا العصبية والدبقية الدقيقة، التي تُنتج في المختبر كنماذج لزرع الخلايا.

الشكل (2) يوضح أهداف البحث الجاري في مختبر الدكتورة عبير الشمري بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي

يعد معهد قطر لبحوث الطب الحيوي معهدًا وطنيًا رائدًا يضطلع بمهمة إجراء البحوث التطبيقية في نطاق الأمراض المختارة ذات الأولوية الوطنية، مما يؤدي في النهاية إلى تطوير حلول تشخيصية وعلاجية مستحدثة للأمراض التي تؤثر على السكان في دولة قطر والمنطقة المحيطة، ولا شك في أن الأنشطة البحثية الجارية في مختبر الدكتورة الشمري تضعها في موقع جيد للإسهام في أداء مهمة معهد قطر لبحوث الطب الحيوي.

أجرت الدراسة: د. عبير الشمري (زميل أبحاث، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
رسوم توضيحية: د. ورد نور الدين (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
مراجعة النسخة العربية: رويدة زياد طه (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
المحررون: د. أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)، د. ألكسندرا باتلر (باحث رئيسي، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) 

لتصفح المراجع، يُرجى الضغط هنا.