حالات كورونا عند الأطفال وإدارة المرض لدى مصابي السكري
Hamad Bin Khalifa University

التميز حالات كورونا عند الأطفال وإدارة المرض لدى مصابي السكري

رؤية مقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي

منذ تفشي جائحة كورونا (كوفيد-19) في وقت مبكر من هذا العام، قام الباحثون وأخصائيو الرعاية الصحية بدراسة مُسببات هذا المرض بشكل مكثف، ومحاولة فهم مخاطر الإصابة به لدى شرائح فرعية من المجتمع. في حلقة هذا الأسبوع، يناقش خبراء من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي إصابة الأطفال بفيروس كورونا، وكيف يمكن إدارة هذا المرض لدى مصابي السكري المعرضين لدرجات عالية من الخطورة.

إصابة الأطفال بفيروس كوفيد-19

لم تقتصر الإصابة بفيروس كوفيد-19 على البالغين وكبار السن في مجتمعاتنا، بل على العكس من ذلك، تطالعنا تقارير تشير إلى أن فيروس كوفيد-19 يؤثر بالفعل على الأطفال والمواليد الرضع، بل و في بعض الحالات، تحدث مضاعفات سريرية خطرة. وفقًا للبيانات الحالية، فإن الأعراض السريرية لمصابي فيروس كوفيد-19 من الأطفال تكون أخف نسبيًا مقارنةً بالبالغين وكبار السن، ومع ذلك، يحتاج بعض الأطفال المصابين إلى دخول المستشفى، وحتى العناية المركزة. وقد أشارت دراسة حول حالات فيروس كورونا لدى الأطفال بأقسام الطوارئ، أجريت على 100 طفل إيطالي (أقل من 18 عامًا)، إلى أن 21٪ من المرضى الأطفال كانوا بدون أعراض، و58٪ منهم ظهرت عليهم أعراض خفيفة، و19٪ أعراض معتدلة، و1٪ عانوا من أعراض شديدة، و1٪ كانوا في حالة حرجة. وكان معظم الأطفال الذين دخلوا المستشفى يعانون من حالات مرضية سابقة، مثل أمراض رئوية أو أمراض القلب والأوعية الدموية، أو كانوا يعانون من تثبيط مناعي.

من المثير للدهشة، أنه منذ بداية جائحة كوفيد-19، ظهرت تقارير عديدة حول مرضى صغار السن ظهرت عليهم حالات التهاب متعددة في أعضاء الجسم مع أعراض مشابهة لمتلازمة الصدمة السُمية وداء كاواساكي. وفي إيطاليا وفرنسا، جاءت الإصابات الالتهابية في أجهزة متعددة أعلى بنحو 30 مرة خلال الجائحة مقارنةً بالفترة السابقة لانتشار الفيروس. وكان غالبية هؤلاء الأطفال المتأثرين، ممن ثبتت إصابتهم بكوفيد-19 أو تعرضوا بشكل محدد لفيروس سارس-كوف-2، ولديهم مضاعفات مناعية خطيرة تتطلب عناية مكثفة، ما يشير إلى وجود صلة محتملة بين كوفيد-19 وحالة الالتهاب التي تصيب أجهزة متعددة في الجسم.

وقد وصفت منظمة الصحة العالمية الحالات المرتبطة بكوفيد-19 مثل متلازمة الالتهابات المتعددة التي تصيب أجهزة الجسم، أو متلازمة الالتهابات المتعددة لدى الأطفال. وتبيّن أن الأطفال الذين يعانون من المتلازمتين لديهم استجابة مناعية تؤثر على الأعضاء والأوعية الدموية، وقد يؤدي هذا الالتهاب إلى تلف في القلب. كما تظهر أعراض هاتين المتلازمتين في شكل حمى شديدة تستمر لأكثر من خمسة أيام، وألم شديد في البطن، وقيء، وإسهال، وطفح جلدي، وتغيرات في لون الجلد، وصعوبة في تناول الغذاء والشراب والتنفس، وألم في الصدر. ويمكن أن تشمل الأعراض أيضًا تورم واحمرار اليدين والقدمين، مع احمرار أو تشقق الشفتين أو اللسان، وتورم الغدد الليمفاوية في الرقبة.

تُعالج متلازمة الالتهابات المتعددة التي تصيب أجهزة الجسم ومتلازمة الالتهابات المتعددة لدى الأطفال بالجلوبيولين المناعي الوريدي والأسبرين، وأحيانًا بالستيرويدات لخفض ضغط الدم. ومن المحتمل أن تكون الإصابة بهاتين المتلازمتين اللتين تحدثان عقب الإصابة بكوفيد-19 متلازمة ما بعد العدوى، وهو ما يعني أن المريض لم يعد مصدرًا للعدوى بالفيروس. ولأن كوفيد-19 يمكن أن يصيب الأطفال دون ظهور أعراض في العديد من الحالات، يُتوقع أن يشارك هؤلاء الأطفال في انتقال العدوى بين أفراد المجتمع، خاصة بالنظر إلى أن كوفيد-19 يتجلى في هذه الفئة العمرية كعدوى تصيب الجهاز التنفسي العلوي وتكون أكثر عرضة للانتقال. من الضروري إجراء المزيد من الدراسات لفهم التأثير القصير والطويل الأجل لكوفيد-19 على الأطفال بدقة، من أجل إدارة أفضل للحالات المرضية. وسيكون فهم ذلك أمرًا ضروريًا الآن بينما يتم تخفيف قيود الحجر، وتُجرى دراسة لإعادة فتح المدارس ومراكز رعاية الأطفال.

السيطرة على المرض لدى مصابي كوفيد-19 الذين يعانون من السكري

يُعد داء السكري من بين الأمراض المصاحبة الأكثر شيوعًا لدى مرضى فيروس كورونا. والواقع أن السكري هو أحد عوامل الخطورة التي تزيد احتمال الوفاة لدى مرضى كوفيد-19، حيث يعاني غالبية الأشخاص المصابين بفيروس كوفيد-19 من السعال والحمى وضيق التنفس، وبنسبة أقل من الغثيان والإسهال. وعندما يُصاب مرضى السكري بالفيروس، قد تكون الأعراض في البداية أخف، ولكن قد يحدث تدهور سريع بالمقارنة بالمصابين من غير مرضى السكري.

عند التشخيص وتقييم شدة العدوى، يُوصى المرضى الذين يعانون من إصابة خفيفة بالعزل الذاتي والإدارة الذاتية في المنزل مع متابعة هاتفية من قبل طاقم الرعاية الصحية. وفي حال كان المرض أكثر شدة، مع وجود معدل خطر أعلى من النتائج السلبية والرصد الدقيق لتقدم المرض، يتم إدخال المريض إلى المستشفى. من ناحية أخرى، لا توجد مبادئ توجيهية محددة لإدارة كوفيد-19  لدى مرضى السكري. وتستخدم العديد من الأدوية بناءً على البيانات السريرية المتاحة في الوقت الحالي، وتقيس قرارات العلاج فقط فوائد الدواء ضد مخاطر العدوى. وقد قللت بعض الأدوية المحتملة المضادة للفيروسات من فترة المسح الفيروسي، ومن المتوقع أن تُظهر هذه الأدوية فاعلية مُحسنة عند استخدامها مع علاجات أخرى أو عوامل مضادة للفيروسات. وتحتاج بعض الأدوية المستخدمة في كوفيد-19 إلى اهتمام خاص عند استخدامها مع مرضى السكري [الجدول 1].

كما أن هناك مخاوف تتعلق باستخدام عوامل خفض مستوى الجلوكوز لدى مرضى السكري المصابين بفيروس كورونا. ويمكن إدارة المرضى الذين يعانون من إصابة معتدلة بفيروس كوفيد-19 باستخدام عوامل خفض الجلوكوز العادية، طالما أنهم قادرون على الحفاظ على نظامهم الغذائي المعتاد. وتؤثر عوامل عديدة مثل مستوى السكر في الدم، والثبات الديناميكي الدموي، وحالة التغذية، والوظائف الكلوية، وخطر الإصابة بنقص السكر في الدم، والتفاعل بين الأدوية، وتوفر العقاقير اللازمة، كلها على اختيار القرار المتخذ بشأن الدواء اللازم [الجدول 2].

وهناك خطر متزايد يتعلق باحتمال حدوث مضاعفات شديدة، بما في ذلك متلازمة الضائقة التنفسية للبالغين والفشل متعدد الأعضاء لدى مرضى السكري. كما أن هنالك خطر يكمن في أنه يمكن أن تؤدي السوائل الزائدة إلى استسقاء رئوية بالرئة الملتهبة بشدة، بالتالي، فإن هناك حاجة إلى رعاية مكثفة تضمن توازن السوائل لدى المرضى المحجوزين بالمستشفى. علاوة على ذلك، فإن نقص بوتاسيوم الدم الذي قد يكون مرتبطًا بفرط الألدوستيرون (زيادة مستويات هرمون يسمى الألدوستيرون) الناجم عن تركيز عالي للأنجيوتنسين 2، وهو سمة شائعة في كوفيد-19، بالتالي، يجب مراعاة توازن البوتاسيوم بعناية ضمن سياق علاج الأنسولين، حيث يمكن أن يتفاقم بعد البدء في العلاج بالأنسولين.

إضافة إلى ذلك، يجب تجنب العوامل المضادة لفرط سكر الدم التي يمكن أن تؤدي إلى نقص السكر في الدم. وعلى الرغم من عدم وجود مبادئ توجيهية صارمة فيما يتعلق بأنظمة الأنسولين للتحكم في نسبة السكر في الدم لدى المرضى المصابين بأمراض خطيرة، يمكن استخدام حقن الأنسولين الوريدية وحقن الأنسولين قصير أو سريع المفعول. وفي المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الأول وكوفيد-19 وفرط سكر الدم، من المهم مراقبة مستويات الجلوكوز في الدم والكيتون، والحفاظ على مستوى السوائل المطلوب، ومواصلة العلاج بالأنسولين.

تحتاج أنظمة الرعاية الصحية إلى تقييم وتبني استراتيجيات العلاج التي تحافظ على الرعاية، وتضمن توفير الأدوية الأساسية للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري، للحد من مخاطر حدوث الوفاة. 

الجدول (1) الأدوية الحالية المستخدمة لعلاج كوفيد-19 واستخدامها مع مرضى السكري

الجدول (2) العلاج المستخدم مع مرضى السكري الذين يعانون من إصابة شديدة من الدرجة الثالثة

 

المشاركون في هذه الدراسة: 

حالات كوفيد-19 لدى الأطفال: د. فيجاي جوبتا (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
إدارة المرض لدى مصابي كوفيد-19 الذين يعانون من السكري: د. مانجولا نانداكومار (باحث مشارك أول، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
مراجعة النص العربي واعتماده: د. نور مجبور (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
المحررون: د. أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) ود. ألكسندرا باتلر (باحث رئيسي، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)

لتصفح المراجع، يُرجى الضغط هنا.

 

أخبار متعلقة

تسلط الضوء على اليوم العالمي للسكري 2020

في خضم الجائحة العالمية الحالية التي نتجت عن تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، من المهم أن نركز على الحالات الطبية الشائعة والمعقدة الأخرى مثل مرضى السكري.

معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ومعهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة ينشران دراسة مشتركة حول أداة لتقييم خطورة فحص مقدمات السكري

اشترك علماء من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ومعهد قطر لبحوث الحوسبة، التابعَين  لجامعة حمد بن خليفة، في نشر أول تقييم للخطورة لفحص مقدمات السكري في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد واحدةً من أعلى معدلات الإصابة بهذا المرض في العالم.