التمارين الرياضية يمكن أن تساعد في تحسين جودة النوم خلال الجائحة
Hamad Bin Khalifa University

التميز التمارين الرياضية يمكن أن تساعد في تحسين جودة النوم خلال جائحة كوفيد-19

الدكتور ناثان تاونسند

أدى انتشار جائحة الفيروس التاجي (كوفيد-19) إلى حدوث أزمة صحية عامة غير مسبوقة في العصر الحديث. وقد ثبُت أن الفيروس شديد العدوى ويُشَّكِل مخاطر بالغة على صحة الإنسان، لا سيَّما بالنسبة لكبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.

لذلك، نُفِذت تدابير صارمة للتباعد الاجتماعي، وفُرِضت قيود على السفر في جميع أنحاء العالم، لإبطاء انتشار الفيروس. وقد كان لهذه التدابير تأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي والتفاعل الاجتماعي. وأدى عدم اليقين بشأن المسار المستقبلي لانتشار فيروس كوفيد-19، والاقتصاد، والأمن المالي، إلى خلق وضع صعب للناس في جميع أنحاء العالم، ويتفاقم ذلك الوضع بسبب إجراءات الحجر المنزلي الجماعي.

ويمكن أن يؤدي إجبار الناس على البقاء في المنزل، والعمل وتلقي التعليم منه، وتقليل مرات الخروج من المنزل، وتقليص التفاعل الاجتماعي، أو العمل لساعات أطول، إلى التعرض لمستويات عالية من القلق والضغط النفسي.

وقد استطلعت دراسة صينية آراء 1210 أشخاص خلال المرحلة الأولية من تفشي فيروس كوفيد-19. وصنف أكثر من نصف المشاركين في الدراسة التأثير النفسي للأزمة على أنه متوسط إلى شديد، وأفاد حوالي الثلث أنهم تعرضوا لقلق متوسط إلى شديد الحدة. ورغم عدم إجراء دراسات علمية حول التأثير المحدد للفيروس على جودة النوم، كانت هناك العديد من التقارير المتداولة عن انخفاض جودة النوم على وسائل التواصل الاجتماعي.

وخضعت العلاقة بين الإجهاد النفسي وجودة النوم للبحث في دراسات مختلفة. وبشكل عام، ثبُت أن الاختلافات اليومية في مستويات الإجهاد تؤثر على علامات جودة النوم، بما في ذلك مدة النوم، وكفاءته، وعدد مرات الاستيقاظ. بالإضافة إلى ذلك، أثبتت الدراسات التي تناولت الأحداث الحياتية الرئيسية المجهدة، مثل خوض الامتحانات أو فقدان الوظيفة، أو الأحداث الصادمة، أنها تؤثر كذلك بالسلب على جودة النوم.

والنوم في حد ذاته عبارة عن عملية نفسية فسيولوجية معقدة. ويتكون النوم الجيد من فترات نوم أطول بدون انقطاع، وصولًا إلى المرحلة الثالثة والرابعة من النوم، وهو ضروري للتعافي الجسدي والعقلي. ويحكم الإيقاع اليومي للجسم اختلافات في التعرض للضوء طوال فترات النهار والليل على مدار 24 ساعة. ويمكن أن تؤثر بعض العوامل الأخرى كذلك مثل أوقات تناول الوجبات، والنظام الغذائي، وممارسة الرياضة على جودة النوم. وبعد غروب الشمس، عندما تقل مستويات التعرض الطبيعية للضوء، يرتفع إطلاق هرمون الميلاتونين الذي يساعد في حدوث النعاس، وهو ما يمكننا من النوم بشكل فعال.

وعادةً ما يحدث اضطراب للإيقاع اليومي العادي على مدار 24 ساعة، على سبيل المثال، أثناء السفر الدولي الذي يجتاز مناطق زمنية متعددة. لذلك، هناك اقتراحات تشير إلى أن الاستراتيجيات التي تنظم إنتاج الميلاتونين بشكل فعال قد تساعد في استقرار الإيقاع اليومي للجسم وتحسين جودة النوم بشكلٍ عام.

وهناك مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات الآمنة والبسيطة التي أثبتت فعاليتها في تحسين جودة النوم. وترتكز تلك الاستراتيجيات في الغالب على تحسين ما يشار إليه باسم "عادات النوم الصحي" من خلال التعديلات السلوكية، وثانيًا من خلال المشاركة في أداء الأنشطة البدنية. فقد كشفت دراسات منهجية لتأثير التمارين الرياضية على جودة النوم عن وجود تأثير إيجابي عام لتلك الأنشطة.

بشكل عام، تساهم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام في زيادة طول المرحلتين الثالثة والرابعة من النوم "العميق". ونظرًا لتنوع التمارين المختلفة التي خضعت للدراسة، لم يحدث توافق في الآراء حتى الآن على إرشادات محددة لأداء التمارين الرياضية، باستثناء أنه ينبغي تجنب أداء التمارين المجهدة في وقت متأخر من الليل قبل موعد النوم.

ومع ذلك، تشتمل النصائح العامة لأداء التمارين الرياضية على ممارسة التمارين الهوائية متوسطة الشدة، مثل المشي السريع، لمدة 150 دقيقة على الأقل في الأسبوع، أو ممارسة أنشطة رياضية قوية مثل الجري أو ركوب الدراجات أو السباحة لمدة 75 دقيقة أو أكثر في الأسبوع. ويوصى أيضًا بشدة بممارسة تمارين المقاومة، وتمارين القوة والتحمل، واليوغا، لا سيَّما التمارين التي تستهدف مجموعات عضلية كبيرة مثل الساقين أو تمارين الجسم بالكامل.

وليس من المرجح أن تؤدي التمارين الرياضية إلى تحسين جودة النوم فحسب، بل من الثابت أيضًا أنها مفيدة للغاية للصحة العامة. وهناك علاقة بين مدة النشاط البدني الأسبوعي والوقاية من الأمراض المزمنة المتعددة، بما في ذلك النوع الثاني من مرض السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسمنة، وارتفاع ضغط الدم.

والفوائد الصحية لممارسة الرياضة متفاوتة في طبيعتها بشكل عام، وقد لوحظ حدوث تحسن في الحالة الصحية حتى مع ممارسة الأنشطة الرياضية لفترات قليلة نسبيًا. وهذا أمر جيد لأنه يعني أن "ممارسة الرياضة لفترات محدودة أفضل من الامتناع عن ممارستها تمامًا"، حتى لو كان من الصعب أداء التمارين الرياضية لمدة 150 دقيقة في الأسبوع.

وتشتمل التدخلات السلوكية المقترحة للحفاظ على إيقاع يومي منتظم وتحسين عادات النوم الصحية على التوصيات التالية:

  • التعرض للضوء الطبيعي لأشعة الشمس أثناء فترات النهار، مع الحذر من درجات الحرارة العالية في الدوحة خلال فصل الصيف. ويوصى بالتعرض لأشعة الشمس خلال فترة الصباح الباكر. 
  • غرف النوم المظلمة تحسّن من جودة النوم. حاول حجب أكبر قدر ممكن من الضوء باستخدام الستائر الداكنة، على سبيل المثال. وينطبق هذا بشكل خاص على الدوحة لأن الشمس تشرق "مبكرًا" فيها مقارنة بعادات الحياة اليومية لأسباب جغرافية وثقافية.
  • حاول الحفاظ على روتين يومي منتظم يشمل الذهاب للنوم والاستيقاظ في نفس الوقت تقريبًا كل يوم. وهذا مهم بشكل خاص للأطفال الصغار.
  • خصص بعض الوقت يوميًا لممارسة "التأمل" الذي يشمل أنشطةً تقلل التوتر مثل الاستماع إلى الموسيقى، أو العزف الموسيقي، أو القيام بأعمال فنية، أو قراءة كتاب، أو أنشطة الاسترخاء الأخرى بخلاف النوم. 
  • تجنب أخذ قيلولة طويلة خلال فترات النهار. وإذا ما احتجت إلى ذلك، احرص على ألا تتجاوز مدتها 30 دقيقة خلال الفترة ما بين الساعة الواحدة ظهرًا إلى الثالثة عصرًا، وهو ما يحدث في الغالب لدى معظم الناس.
  • تجنب قضاء الكثير من الوقت أمام شاشات الحاسب الآلي، والهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية. وتزداد أهمية هذا الأمر خلال فترات الليل. واحرص أيضًا على تجنب القراءة من هاتفك الذكي قبل وقت النوم مباشرة على وجه الخصوص.
  • اتبع حمية غذائية صحية ومتوازنة، وتجنب الأطعمة السريعة، لا سيَّما الأطعمة السكرية المصنعة، في وقتٍ متأخرٍ من الليل.
  • أخيرًا وليس آخرًا، تجنب مطالعة الكثير من التقارير الإخبارية "الكئيبة والمروعة" حول فيروس كوفيد-19. كن إيجابيًا وركز على الأشياء التي يمكنك التحكم فيها، مثل الإرشادات سالفة الذكر.

يشغل الدكتور ناثان تاونسند منصب أستاذ مساعد في برنامج ماجستير العلوم في علوم اللياقة البدنية والصحة بكلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة

ملاحظة:
هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.
 

أخبار متعلقة

من كوفيد-19 إلى طوكيو 2021: كيف سيعود الرياضيون إلى مضامير المنافسات؟

ما هو تأثير تأجيل عقد دورة الألعاب الأولمبية الصيفية بطوكيو إلى يوليو 2021 على جداول تدريب الرياضيين؟ ومع تخفيف الإغلاق تدريجيًا، كيف ستتطور تدريباتهم وتكيفهم واستعداداتهم على المدى الطويل للمشاركة في أكبر حدث رياضي في العالم؟

أين نحن من لقاح فايزر؟

شاركت شركة التكنولوجيا الحيوية "بيونتيك"، المملوكة لزوجين ألمانيَين من أصلٍ تركي هما الدكتور أوغور شاهين وأوزليم توريتشي، بعض الأخبار الواعدة مع شركة فايزر في أعقاب السباق الأكثر احتدامًا في العالم على التوصل للقاح للتحصين ضد فيروس كوفيد-19.