يؤكد الدكتور سيرتاك بيحان، العالم الأول والأستاذ المشارك في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة التابع لجامعة حمد بن خليفة، على ضرورة بناء أنظمة طاقة متجددة مصممة على مبدأ المرونة منذ البداية، وذلك بعد انقطاع التيار الكهربائي الأخير في إسبانيا والبرتغال
أدى انقطاع التيار الكهربائي الواسع النطاق مؤخرًا إلى إغراق ملايين الأشخاص في إسبانيا والبرتغال في ظلام دامس، ما أدى إلى ارتباك في المجتمع الدولي، كما أثار تساؤلات مهمة حول قدرة شبكات الكهرباء الحديثة على مواجهة التهديدات المفاجئة، بدءًا من استقرار النظام ووصولًا إلى المخاوف الأمنية.
ونحن اليوم أمام مرحلة جديدة لم تعد فيها مرونة الشبكة الكهربائية خيارًا ثانويًا، بل ضرورة أساسية.
ضعف القصور الذاتي ودور محوّلات التشكيل الشبكي
كانت الشبكات التقليدية تعتمد على آلات دوارة ضخمة تعمل بالوقود الأحفوري لتوفير القصور الذاتي، وهو عنصر أساسي يساعد في إبطاء تغيرات التردد أثناء الاضطرابات، ومع استبدال هذه المصادر بمصادر الطاقة المتجددة المعتمدة على العوامل البيئية مثل الرياح والطاقة الشمسية، فإننا نشهد تحوّلات أساسية في طرق الحفاظ على استقرار الشبكات.
وفي ظل غياب القصور الذاتي، يمكن أن تؤدي الاضطرابات إلى انخفاضات سريعة في التردد مما يزيد من خطر الانهيارات المتتالية، وهو ما كان جليًا أثناء الانقطاع الكهربائي في كل من إسبانيا والبرتغال.
ولمواجهة ذلك، أصبح من الضروري استخدام محوّلات التشكيل الشبكي، والتي تختلف عن المحوّلات التقليدية التابعة للشبكة، حيث يمكنها تنظيم التردد والجهد بنشاط وتوفير الدعم للشبكة في أوقات الضغط.
ولم تعد الخدمات مثل القصور الذاتي الاصطناعي والاستجابة السريعة للتردد رفاهية، بل باتت عوامل حاسمة لاستقرار الشبكة، ولكن، ورغم ما تحمله هذه التقنيات من آفاق واعدة، إلا أن دمجها في عمليات تشغيل الشبكة يتطلب تخطيطًا دقيقًا لتحقيق الاستفادة القصوى.
الأمن السيبراني في نظم الطاقة الرقمية
وقد باتت الشبكات الكهربائية وترابطها أكثر عرضة للهجمات السيبرانية التي قد تُحدث خللًا عند التشغيل مع تزايد الرقمنة والترابط. لذا، فإنه من الضروري أن يتم دمج الأمن السيبراني في تصميم الشبكات وتخطيطها منذ البداية، وألا ينظر إليه على أنه عامل ثانوي.
الحاجة إلى استراتيجيات متكاملة على مستوى النظام بأكمله
إن ضمان مرونة الشبكة لا يُعد مسألة تقنية فقط، بل هو تحدٍ نظامي يتطلب تخطيطًا منسقًا يشمل الإنتاج، والنقل، والتوزيع، والمستخدمين النهائيين. كما يشمل ذلك تصميم أسواق جديدة، وتوفير موارد مرنة، وتعزيز التعاون بين القطاعات، لمساعدة الشبكات على التنبؤ بالأحداث القصوى والتعامل معها بفاعلية.
تعزيز المرونة بالبحث والتعاون
يتطلب الانتقال إلى الطاقة النظيفة دقة، وتنسيقًا، ورؤية بعيدة المدى لتحقيق مستقبل ذو طاقة متجددة ومرنة، وفي معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة التابع لجامعة حمد بن خليفة، نعمل على دفع عجلة البحث في مجالات الطاقة المتجددة، واستقرار الشبكات، والقدرة على التكيف مع التغير المناخي، وذلك من خلال تطوير تقنيات شبكية جديدة، والمساهمة في نقاشات سياسات الطاقة، ودعم الجيل القادم من المهندسين والعلماء.
*أعد هذا البيان الدكتور سيرتاك بيحان، العالم الأول والأستاذ المشارك في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة التابع لجامعة حمد بن خليفة، وتركز أبحاثه على إلكترونيات القدرة وتطبيقاتها في أنظمة الطاقة للجيل القادم، ويشمل ذلك دمج الطاقة المتجددة، والنقل الكهربائي، والشبكات المصغّرة.
أخبار مشابهة
ندوة المرونة في قطر تُختتم باستراتيجية متعددة القطاعات لتحقيق الجاهزية الوطنية
معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة يعقد الاجتماع الثاني للجنة التوجيهية للاحتفاظ بالكربون