المؤشرات الحيوية التشخيصية لفيروس كورونا والعلاجات المضادة
Hamad Bin Khalifa University

التميز المؤشرات الحيوية التشخيصية لفيروس كورونا والعلاجات المضادة للفيروسات

رؤية مُقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي

منذ بداية جائحة كورونا (كوفيد-19)، ركّزت الأبحاث العلمية حول العالم جهودها على تحسين فهم الإنسان للمرض، وتطوره، وفرص علاجه. في حلقة هذا الأسبوع، يناقش خبراء من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي العديد من المؤشرات والمعايير، التي يمكن أن تعكس حالة مريض كوفيد-19، ويسلطون الضوء على النتائج الأساسية للتجارب السريرية الأّولية، التي تفحص كفاءة وفاعلية إعادة استخدام الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج مصابي فيروس كورونا.

دور المؤشرات الحيوية في تشخيص كوفيد-19

يدخل المرضى المُصابون بفيروس كورونا المستشفيات وهم يعانون من أعراض سريرية مختلفة، حيث تعتبر الحُمى والسعال وضيق التنفس ومتلازمة ضيق التنفس الحادة من أكثر الأعراض شيوعًا بين المرضى. ومع ذلك، لا ترتبط الأعراض السريرية لكوفيد-19 بالمرض فقط، ما يجعل المعايير السريرية التقليدية دون المستوى الأمثل لتقييم تطور المرض. ولا يزال المعيار الذهبي لتشخيص المرض هو الاختبار الجزيئي لتفاعل البوليميراز المتسلسل (https://www.hbku.edu.qa/en/news/qbri-insights-biology (PCR، حيث يمكن التغلب على القيود المحيطة بالمؤشرات السريرية من خلال تطبيق العلامات البيولوجية التشخيصية غير ذات الصلة بتفاعل البوليميراز المتسلسل.

تُمثل المؤشرات الحيوية مقاييس موضوعية تعكس حالة المرض، وتطوره، و/أو احتمال تعرض الشخص للإصابة بالمرض. ويمكن لهذه المؤشرات الحيوية أن ترصد مدى تطور كوفيد-19، وتعكس حالة المرض، وإذا ما كانت إصابة المريض خفيفة أو شديدة أو حرجة، وتساعد في تعميق فهمنا لآليات المرض الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هذه المؤشرات الحيوية مفيدة في التشخيص المبكر لكوفيد-19 لدى المرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض، أو بعبارة أخرى، مَن لا تبدو عليهم أي أعراض سريرية واضحة.

من جهة أخرى، نستطيع من خلال المؤشرات الحيوية الموثوقة أن نقيّم درجة استجابة المريض للعلاج من خلال العديد من التجارب السريرية، التي تُجرى حاليًا باستخدام أدوية تُوصف لعلاج فيروس كورونا. من أبرز المؤشرات الحيوية التي تم التوصل إليها بشأن كوفيد-19 هي عدد خلايا الدم البيضاء، وعدد الصفائح الدموية، وبروتين سي التفاعلي، والتروبونين القلبي، والإنترلوكين-6، والمؤشرات الحيوية الكلوية، والأشكال المتعددة للإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين.

نظرًا لأن عدد خلايا الدم البيضاء يتأثر بالعديد من العوامل الأخرى، فإن هذا العدد لا يوفر رؤية موثوقة ومحددة حول حالة المريض المصاب بفيروس كورونا. ففي حين يُعد تحديد عدد الصفائح الدموية فحصًا مختبريًا بسيطًا وسريعًا واقتصاديًا يمكن أن يساعد في التمييز بين حالات مرضى كوفيد-19 من حيث شدة الإصابة أو اعتدالها، فقد أظهرت العديد من الدراسات أن مصابي كوفيد-19 الأكثر اعتلالاً ومرضًا لديهم عدد أقل من الصفائح الدموية.

ويُعد بروتين سي التفاعلي علامة غير مُحًدِدة على وجود التهاب، حيث ترتفع مستويات هذا الالتهاب بشكل ملحوظ في حالات كوفيد-19 الشديدة، وهي واحدة من العلامات الأولى التي تتغيّر استجابة للعدوى بفيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة-2 (سارس-2). ففي حين يُعد إنترلوكين-6 علامة أخرى على وجود التهاب يرتفع بشكل حاد في حالات كوفيد-19 الشديدة، كانت مستويات مصل إنترلوكين-6 لدى مرضى كوفيد-19 الذين يعانون من مضاعفات أخرى أعلى بكثير، مقارنة بأولئك المصابين بحالات خفيفة من نفس العدوى بالفيروس. ونظرًا لأن معدلات الوفيات مرتفعة بين مرضى كوفيد-19 الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، فإن التروبونين القلبي لديه القدرة على العمل كمؤشر لحالة المرض واحتمال الوفاة، حيث تشير المستويات المرتفعة من التروبونين القلبي في الدم إلى أن هذا المريض يحتاج إلى رعاية مكثفة ومتابعة دقيقة.

وعلى نحو مماثل، يكون المرضى الذين يعانون من أمراض الكلى المزمنة عُرضة بدرجة أكبر للإصابة بأشكال حادة من كوفيد-19. ويرتبط ارتفاع المؤشرات الحيوية لوظائف الكلى أيضًا بشدة درجة الإصابة بكوفيد-19، والحاجة لتوفير التنفس الصناعي والعناية الفائقة. وتعتبر المتغيرات الجينية في الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين (https://www.hbku.edu.qa/en/news/influencing-covid-19-severity)، التي هي بمثابة بوابة للعدوى بفيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة-2 في الخلايا البشرية، أحد العوامل الآخرى التي من المحتمل أن تحدد درجات التفشي المتفاوتة لكوفيد-19 في قارات العالم المختلفة. ويمكن لمجموعة كاملة من هذه المؤشرات الحيوية التي تعكس مسارات مختلفة تتعلق بكوفيد-19 أن تقدّم رؤى حول شدة المرض، والتشخيص، ودرجة الاستجابة للعلاج.

استراتيجيات الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج كوفيد-19

فرضت جائحة كورونا المبرر والأسس اللازمة لتطوير عقاقير محتملة، وبشكل عاجل، لعلاج المرضى وحماية الأفراد المعرضين لدرجة عالية من الخطر. وفي حين لا توجد حاليًا عقاقير و/أو لقاحات محددة متاحة كعلاج نهائي لكوفيد-19، إلا أن هناك تقارير حول العديد من الأدوية المعتمدة، وعدد قليل من الأدوية الجديدة التي تتميز بفاعلية في مواجهة الفيروس، لكنها لا تزال في مراحل الفحص المبكرة. لذلك، لا يزال تحديد البروتوكولات العلاجية المحتملة لعلاج مرضى كوفيد-19 يمثل تحديًا سريريًا كبيرًا. ولأن تطوير أدوية جديدة هو عملية طويلة الأجل، فإن إعادة استخدام الأدوية لعلاج أمراض أخرى تمثل استراتيجية بديلة مؤقتة.

الجدول ١

تُمثل مضادات الفيروسات (أسماء العقاقير التي تحتوي على أول مقطع من كلمة "فيروس" بالإنجليزية) فئة واسعة من الأدوية التي تقلل من قدرة الفيروس على التكاثر (https://www.hbku.edu.qa/en/news/qbri-insights-biology). وقد ثبتت فاعلية العديد من الأدوية المضادة للفيروسات المعاد استخدامها، بما في ذلك، ريمديسيفير، وفافيبيرافير، وليوبينافير-ريتونافير (أدوية مضادة لفيروس نقص المناعة)، وكذلك ريبافيرين، وإنترفيرون (التي تُنشّط الاستجابة المناعية ضد الفيروسات)، وأن هذه العقاقير فعالة في مكافحة الفيروسات التاجية بيتا في الدراسات قبل السريرية.

وفي دراسة حديثة نُشرت في مجلة (ذا لانسيت)، زعم باحثون من مدينة ووهان الصينية، التي شهدت أول حالات كوفيد-19، أنه على الرغم من أن إعطاء ريمديسيفير ليس له فوائد سريرية للحالات الشديدة من مرضى كوفيد-19، إلا أنه قلل وقت التعافي من الإصابة. وقد تم التأكد من صحة هذه الملاحظة في دراسة أوسع أُجريت على 063,1 حالة كوفيد-19، وقد نتج عن العلاج بدواء ريمديسيفير تقصير متوسط الوقت المستغرق للتعافي (15 يومًا مقابل 11 يومًا) مقارنةً بمجموعة أخرى من الأدوية التي لم تحقق سيطرة فعلية على المرض.

من ناحية أخرى، يُعد أفيفافير (فافيبيرافير) دواءً مثبتًا ومعتمدًا للإنفلونزا، وهناك على الأقل 20 تجربة سريرية جارية تفحص استخدام فافيبيرافير لعلاج كوفيد-19 في بلدان مختلفة، وتبين أن هذا الدواء فعال في تقليل الوقت اللازم للتعافي في تجربتين سريريتين في أجريتا في مدينة ووهان. وفي روسيا، تشير النتائج الأولية التي أبلغت عنها شركة (تشيمرار فارما) إلى أن فافيبيرافير، الذي أعطي  لمرضى كوفيد-19، قد أدى إلى تقليص فترة التعافي من المرض.

الجدول ٢

وقد كشفت دراسات مبكرة أن توليفة دواء ريمديسيفير / إنترفيرون مع ليوبينافير-ريتونافير قد حققت تأثيرًا سريريًا أفضل في مواجهة متلازمة الشرق الأوسط التنفسية الحادة-1(سارس-1)، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الحادة (MERS). وتناولت تجربة سريرية عشوائية ومتعددة المراكز في مرحلتها الثانية (NCT04276688)، أجريت في هونج كونج، بالفحص مزيجًا دوائيًا مماثلاً تمّت تجربته على 127 مريضًا بفيروس كورونا، حيث أعطي 86 منهم مزيجًا من إنترفيرون بيتا-1ب، مع ليوبينافير-ريتونافير وريبافيرين، وأعطي 41 منهم دواء واحد وهو (ليوبينافير-ريتونافير). وقد تمكنت هذه التوليفة من كبح جماح الحِمل الفيروسي بسرعة ملحوظة، وقللت من الوقت اللازم للتعافي، وحسّنت المؤشرات السريرية، وخفّضت خطر العدوى بالفيروس لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية.

وأخيرًا، كشفت المؤشرات الإيجابية الأخيرة لإعادة استخدام العقاقير المضادة للفيروسات عن فاعليتها المحتملة في مواجهة فيروس كورونا في حال أُخذت مجتمعة، ولا تزال هذه الملاحظات قيد الفحص والتأكد من خلال استخدامها في تجارب سريرية على نطاق أوسع. 

المشاركون في هذه الدراسة: 

دور المؤشرات الحيوية في تشخيص كوفيد-19: د. نور مجبور (باحث مشارك أول، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
استراتيجيات الأدوية المضادة للفيروسات لمكافحة كوفيد-19: د. راميش إلانجو (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
مراجعة النص العربي واعتماده: د. نور مجبور
المحررون: د. أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) ود. ألكسندرا باتلر (باحث رئيسي، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)

 

أخبار متعلقة

تسلط الضوء على اليوم العالمي للسكري 2020

في خضم الجائحة العالمية الحالية التي نتجت عن تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، من المهم أن نركز على الحالات الطبية الشائعة والمعقدة الأخرى مثل مرضى السكري.

معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ومعهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة ينشران دراسة مشتركة حول أداة لتقييم خطورة فحص مقدمات السكري

اشترك علماء من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ومعهد قطر لبحوث الحوسبة، التابعَين  لجامعة حمد بن خليفة، في نشر أول تقييم للخطورة لفحص مقدمات السكري في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد واحدةً من أعلى معدلات الإصابة بهذا المرض في العالم.