لا يزال داء السكري يمثل عبئًا عالميًا كونه يؤثر على أكثر من 450 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، ولارتباطه بمضاعفات صحية مزمنة ووفيات مبكرة لدى الكبار. لذا، يحرص مركز بحوث السكري في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي على دعم الاستراتيجية الوطنية لمكافحة مرض السكري في دولة قطر من خلال مواصلة البحوث الأساسية التحويلية والمبتكرة بهدف تطوير مؤشرات حيوية وعلاجات مستحدثة لداء السكري ومضاعفاته الوعائية والأمراض المصاحبة له. حول هذا الموضوع، يسلط الدكتور بول ثورنالي، المدير العلمي لمركز بحوث السكري في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، الضوء على البرامج البحثية الرئيسية التي تضطلع بها مجموعته بالتعاون مع باحثين آخرين من مركز بحوث السكري ومؤسسات معنية أخرى في دولة قطر لتحقيق هذه الغاية.

فحوصات الدم والبول للتنبؤ بتطور الاعتلال الكلوي السكري 

يعد الاعتلال الكلوي السكري أحد أكثر المضاعفات الصحية المرتبطة بداء السكري التي يُخشى حدوثها والتي تؤدي إلى تدهور في وظائف الكلى والغسيل الكلوي، فضلاً عن زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب المميتة. ويعد تحديد المرضى المعرضين لخطر الإصابة بالاعتلال الكلوي السكري وتوفير العلاج الوقائي في مرحلة مبكرة من الجوانب المهمة للغاية، ولكن تبقى المؤشرات الحيوية التنبؤية لهذه المخاطر غير معروفة. ومن خلال استخدام التعلّم الآلي للذكاء الاصطناعي، اكتشف فريق الدكتور ثورنالي بالتعاون مع الدكتورة نائلة رباني الباحثة في جامعة قطر أن الإفراز الجزئي للأحماض الأمينية الجليكوزيلاتية من العوامل المسببة للإصابة بالاعتلال الكلوي السكري، بما في ذلك ثلاثة أحماض أمينية جليكوزيلاتية فقط في الدم والبول في الخوارزميات تقدّم دليلاً قويًا وغالبًا ما يكون قاطعًا بشأن المخاطر المستقبلية للاعتلال الكلوي السكري. ومع مزيد من البحث والتدقيق، قد تؤدي طريقة التشخيص هذه إلى تحسين التنبؤ بمخاطر الاعتلال الكلوي السكري والوقاية منه بشكل ملحوظ.

مكمل غذائي لتحسين المناعة والوقاية من كوفيد-19 وعلاجه

لدى مرضى السكري خطر متزايد يتعلق بإمكانية الإصابة الشديدة بفيروس كوفيد-19 بعد الإصابة بفيروس سارس-كوف-2 خلال هذه الجائحة العالمية المستمرة. وقد طور فريق الدكتور ثورنالي مكملاً غذائيًا لعلاج مقاومة الإنسولين للوقاية من السكري من النوع الثاني وتغيير مساره. وخلال إحدى التجارب السريرية، كان لهذا المكمل الغذائي تأثير قوي مضاد للالتهابات ويعمل على تقليل الوسائط الالتهابية، إنترلوكين-8 والبروتين حامل للأسيل-1، لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة. وقد تم تحديد إنترلوكين-8 والبروتين حامل للأسيل-1 باعتبارهما مؤشرات تنبؤية وعوامل خطر محتملة للإصابة الشديدة بكوفيد-19. ونظر الفريق بعين الاعتبار في إعادة استخدام المكمل الغذائي للوقاية من الإصابة الشديدة بكوفيد-19 وعلاجها. وكشفت دراسات أخرى أن هذا المكمل الغذائي يقلل من تعبير إنترلوكين-8 والبروتين حامل للأسيل-1، وكذلك الإنزيمات البروتينية في الخلايا الظهارية السنخية برئة الإنسان التي تعتبر ضرورية للعدوى بفيروس سارس-كوف-2. ويستمر البحث مع الجهات المتعاونة لتقييم الوقاية من العدوى بسارس-كوف-2 وتطور الأمر إلى الإصابة بكوفيد-19 من خلال تناول المكمل الغذائي. وقد جرى تسجيل براءة اختراع بشأن إعادة استخدام المكمل الغذائي لغرض آخر ومزيج الريزفيراترول-المفروق وهسبريتين كمحفز لتعبير الجليوكسالاز 1 أو "محفز جلو1". وقد تم تطوير مزيج الريزفيراترول-المفروق وهسبريتين لتقليل نسبة الجلوكوز في البروتين بواسطة المستقلب التفاعلي ميثيل جليوكسال، وبالتالي كبح جماح تنشيط استجابة البروتين المتوالية ومحفزات مقاومة الإنسولين والالتهابات (الشكل 1). ويتطلب الأمر استجابة البروتين المتوالية من أجل الانثناء الصحيح للبروتينات الفيروسية في عملية تكاثر فيروس سارس–كوف-2، ومن المحتمل أيضًا أن تساهم في الاستجابة الالتهابية التي تحفز تطور الأعراض الشديدة لفيروس كوفيد-19. يمثل هذا المشروع جزءًا من استجابة أبحاث معهد قطر لبحوث الطب الحيوي لمواجهة جائحة كوفيد-19.

تشخيص الأمراض المرتبطة بالسكري من النوع الثاني - أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية والخرف 

يقوم فريق الدكتور ثورنالي بالتعاون مع الدكتور عبد الإله الرضواني من مركز بحوث السكري والدكتور عمر الأجنف، المدير التنفيذي لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، أيضًا بفحص المؤشرات الحيوية التشخيصية للأمراض المرتبطة بداء السكري من النوع الثاني ومنها أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية والخرف. وتُجرى هذه البحوث التحويلة بالتعاون مع قطر بيوبنك، ومعهد قطر لبحوث الحوسبة التابع لجامعة حمد بن خليفة، ومؤسسة حمد الطبية، وكلية وايل كورنيل للطب - قطر. كما يجري فحص المؤشرات الحيوية على عينات الدم لتشخيص أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية والخرف في المراحل المبكرة سواء لدى المرضى المصابين بالسكري من النوع الثاني أو غيرهم ودمجها في خوارزميات تشخيصية؛ لتحسين طرق تشخيص الحالات المرضية المصاحبة لدى مرضى السكري من النوع الثاني. ومن المحتمل أن تكون بعض المؤشرات الحيوية آلية وتقترح استراتيجيات جديدة لتحسين الوقاية والعلاج في مجموعات مختارة من المرضى. يتولى مهمة الباحث الرئيسي لهذه البحوث الدكتور ثورنالي، وتشمل قائمة المتعاونين الإكلينيكيين في أبحاث مركز بحوث السكري في الطب الدقيق الدكتور خالد حسين من مركز سدرة للطب، والدكتور شهراد طاهري والدكتور رياض مالك من وايل كورنيل للطب - قطر، والدكتور أبو سمرة والدكتور جاسم السويدي والدكتور أشفاق شعيب والدكتور نافيد أخطر والدكتور إعجاز باراي من مؤسسة حمد الطبية. 

الشكل (1) آلية العمل المقترحة لمحفز جلو1 ومزيج الريزفيراترول-المفروق وهسبريتين من خلال كبح جماح استجابة البروتين المتوالية. الدليل: الأسهم الصفراء - آلية تحسين الصحة؛ الأسهم الحمراء – كبح جماح عمليات التلف. من: الباحثة رباني وزملائها، عناصر غذائية 13، 2374، 2021، مع توفير تعاريف للاختصارات.

التعاون مع معهد أبحاث الخلايا الجذعية بجامعة هارفارد لتوفير علاجات جديدة لمرضى السكري

يُعد التعاون مع معهد أبحاث الخلايا الجذعية بجامعة هارفارد في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية واحدًا من الجهود البحثية الرئيسية التي يضطلع بها مركز بحوث السكري، حيث تُستخدم تقنية الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات لدى الإنسان لتعزيز فهم الآليات الجزيئية والخلوية الكامنة وراء تطور السكري من النوع أول والسكري من النوع الثاني، وتطوير خلايا بيتا البنكرياسية المشتقة من الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات للعلاج بالخلايا لدى مرضى السكري من النوع الأول. ويساهم فريق الدكتور ثورنالي في اثنين من المشاريع الأربعة المدرجة تحت هذا التعاون بشأن إجراء دراسات حول دور عوامل النسخ في إنتاج خلايا بيتا البنكرياسية المشتقة من الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات، وهو مشروع يتولى تنسيقه الدكتور عصام عبد العليم بالتعاون مع باحثين آخرين في مركز بحوث السكري، والدكتور الصديقي، والدكتور كولاتكار، والدكتور الرضواني، فضلاً عن مشروع عن الالتهاب الأيضي في خلايا بيتا البنكرياسية، الذي يتولى تنسيقه الدكتور ثورنالي بالتعاون مع الدكتور عبد العليم.

تقدير متزايد لجهود مركز بحوث السكري تبرزها مؤتمرات عالمية كبرى

شهد هذا العام تقديرًا متزايدًا حظيت به أبحاث مركز بحوث السكري في مؤتمرات عالمية كبرى تُعنى ببحوث السكري، مع ثلاثة عروض تقديمية شفهية خلال الجلسات العلمية للدورة الحادية والثمانين للجمعية الأمريكية لمرضى السكري، والعروض التقديمية الشفهية القادمة خلال الاجتماع السنوي للدورة السابعة والخمسين للجمعية الأوروبية لدراسة مرض السكري، ومؤتمر الاتحاد الدولي للسكري حول السكري ومضاعفاته وكوفيد-19 الذي سيعقد في وقت لاحق من هذا العام. وينظم الدكتور ثورنالي بالتعاون مع باحثين آخرين من مركز بحوث السكري والدكتورة رباني من جامعة قطر ندوةً عالميةً ومؤتمرًا حول الموضوعات المتعلقة بداء السكري:

• الندوة: "المستقلبات التفاعلية والخطر المتزايد بشأن الإصابة الحادة بكوفيد-19 في حالات السمنة والسكري" خلال الاجتماع السنوي السابع والخمسين للجمعية الأوروبية لدراسة مرض السكري الذي سيعقد عبر الإنترنت في 28 سبتمبر 2021. للمزيد من المعلومات، يرجى زيارة https://www.easd.org/rmsg-symposium.html
• المؤتمر: الندوة الدولية الرابعة عشرة حول تفاعل مايلارد  - جلوكوز البروتين في الغذاء والصحة والمرض. وهو مؤتمر يعقد عبر الإنترنت تستضيفه الدوحة، قطر في الفترة من 20 إلى 24 سبتمبر 2021. للمزيد من المعلومات، يرجى زيارة https://imars14.mbwebsites.net/ وملصق المؤتمر (الشكل 2).

تعقد الندوة الدولية الرابعة عشرة حول تفاعل مايلارد برعاية الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي وجمعية تفاعل مايلارد الدولية. يوفر جلوكوز البروتين أحد أهم المؤشرات الحيوية والهيموجلوبين السكري واختبار "A1C" في تشخيص ورعاية الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالسكري وللتحكم في مستوى الجلوكوز في الدم والوقاية من المضاعفات الوعائية لمرضى السكري. وسينضم إليها الدكتور كازوتوشي موري متحدثًا رئيسيًا من جامعة كيوتو في اليابان وهو حائز على جائزة لاسكر للأبحاث الطبية. وسيقدّم باحثون بارزون في مجال السكري أكثر من 120 عرضًا تقديميًا خلال الندوة الدولية الرابعة عشرة حول تفاعل مايلارد، وسيشارك باحثون من مركز بحوث السكري في فعاليات الندوة، بما في ذلك الجلسة التي ستعقد حول "المناهج والنماذج في أبحاث الجلوكوز" بالتعاون مع جامعة قطر.

الشكل (2) الندوة الدولية الرابعة عشرة حول تفاعل مايلارد - جلوكوز البروتين في الغذاء والصحة والمرض. مؤتمر افتراضي تستضيفه الدوحة، قطر في 20-24 سبتمبر 2021.

المشاركون في هذه الدراسة:

الدكتور بول ثورنالي (المدير العلمي لمركز بحوث السكري، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
مراجعة النص العربي: رويدة زياد طه  (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
المحررون: د. أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) ود. براسانا كولاتكار (عالم أول، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)