الهيئة: كلية القانون
إيلينا أثوال

ترى إيلينا أثوال، خريجة جامعة حمد بن خليفة، أن التعاون بين النظم القانونية يساهم في سرعة وتيرة الابتكار، ويعزز الحوكمة البيئية، ويؤهل جيلًا جديدًا من الممارسين القانونيين على مستوى العالم.

ولقد ساهم تاريخ التعاون بين المؤسسات العربية والأمريكية في تعزيز التفاهم المتبادل والتميز في المجال القانوني، ويتجلى ذلك بوضوح في القطاع التعليمي، ففي مختلف أرجاء العالم العربي والولايات المتحدة، يستفيد جيل جديد من القانونيين الذين يتمتعون بالفكر العالمي من هذه الشراكات العابرة للقارات. كما تسهم المبادرات البحثية المشتركة والشراكات بين مؤسسات المنطقتين في تبادل المعرفة والتصدي للتحديات المحورية، مثل التغيّر المناخي وانتشار رقعة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وتُجسّد إيلينا أثوال، المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لشركة ICELIS Global للاستشارات والأبحاث المتخصصة في التحول الطاقي والتنمية المستدامة، قيمة هذا التآزر الأكاديمي بين الثقافات والتعاون العربي الأمريكي. ولا تزال إيلينا تواصل مسيرتها الأكاديمية فهي على وشك نيل درجة الدكتوراه في العلوم القانونية في قوانين الطاقة والبيئة والموارد الطبيعية بكلية القانون في جامعة حمد بن خليفة، بعد حصولها على درجة الدكتوراه في القانون. وتركز في أطروحتها على الحوكمة البيئية، ومعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية، وحوكمة الشركات، والإصلاح القانوني في دول الجنوب العالمي. وبعد نيلها درجة دكتور في القانون من جامعة حمد بن خليفة التحقت إيلينا ببرنامج ماجستير القانون في كلية هارفارد للحقوق، وتخرجت منه في عام 2024. وتمثل مسيرتها العلمية مثالًا عمليًا على آلية الجمع بين التعليم القانوني في العالم العربي والولايات المتحدة لإعداد ممارسين قانونيين قادرين على التصدي للتحديات البيئية العالمية.

وفي هذا الصدد، تقول أثوال: "أتاحت لي رحلتي من جامعة حمد بن خليفة إلى هارفارد، والعودة مجددًا لجامعة حمد بن خليفة فرصة الاطلاع على وجهات النظر المتنوعة حول القضايا البيئية العالمية. ولقد ساهم دمج رؤى منطقة رائدة في مجال إنتاج الطاقة، ودولة معروفة بأنظمتها التنظيمية الصارمة، في تأهيلي بتجربة ثرية وقيّمة للغاية". 

نقاط القوة التكميلية بين الدوحة وكامبريدج 

تشير أثوال إلى أن لكل بيئة قانونية ما يميزها عن الأخرى، ففي قطر، لاحظت وجود توجه سريع لمواءمة التوسع في مجال الطاقة مع الاستدامة. وأضافت: "ترتبط أطر القانون البيئي في دولة قطر ارتباطًا وثيقًا بأولوياتها الاستراتيجية المتعلقة بإنتاج الغاز الطبيعي"، منوهة بتأثير رؤية قطر الوطنية 2030 في تصميم اللوائح التنظيمية.

وعبر المحيط الأطلسي، استكشفت أثوال نظامًا صقلته عقود من النشاط العام والدعاوى القضائية، وفي ذلك تقول: "تتمتع الولايات المتحدة بأُطر تنظيمية أكثر تعقيدًا ونضجًا، ولديها آليات صارمة للتنفيذ، إضافة إلى المشاركة القوية للمنظمات غير الحكومية ومجموعات المصالح العامة في صياغة السياسات البيئية وتطبيقها". ويعزز هذان النموذجان فهم الطلاب لآليات تعامل الأنظمة القانونية المختلفة مع التحديات البيئية بشكل شامل ومتكامل. 

وترى أثوال أن كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة هي نقطة انطلاق مثالية لهذه الرحلة المنهجية. كما أعربت عن امتنانها للدكتورة سوزان كارامانيان عميد الكلية، والدكتور داميلولا أولاوي، الأستاذ والعميد المشارك للبحوث وخريج جامعة هارفارد، لتوفيرهما بيئة تعليمية ثرية وإرشادها أكاديميًا ومهنيًا، إذ وفرت الفصول الدراسية الصغيرة والتواصل بشكل مباشر مع أعضاء هيئة التدريس، بيئة مثالية مهدت لتنافسها وتفوقها في مؤسسة أكاديمية مرموقة مثل كلية هارفارد للحقوق. 

وفي جامعة هارفارد، عملت مع برنامج القانون البيئي والطاقة ومعهد "سالاتا" للمناخ والاستدامة، حيث اطلعت على كافة سياسات احتجاز الكربون ومشاريع الطاقة العابرة للحدود.

وإلى جانب مسيرتها الأكاديمية، تتعاون أثوال عبر شركة ICELIS مع الشركاء الإقليميين والدوليين لدعم بناء القدرات والابتكار التنظيمي والبنية التحتية المستدامة في دول الجنوب العالمي؛ علاوة على ترأسها مجموعة عمل التحول الطاقي التابعة للجنة قطر الوطنية في غرفة التجارة الدولية، وهي مبادرة مشتركة مع مؤسسة العطية، تركز على ابتكارات القطاع الخاص في مجال الطاقة المستدامة.

تسريع التحول الطاقي من خلال إبرام الشراكات 

نظرًا لكون دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية أحد أهم منتجي الطاقة ولهما دور محوري في ديناميكيات سوق الطاقة، تعتقد أثوال أن علماء القانون في كلا البلدين لديهم الكثير ليتعلموه من بعضهم البعض. 

وأوضحت: "إن نهج دولة قطر لتعزيز قيمة موارد الغاز الطبيعي مع الالتزام بممارسات الطاقة النظيفة يعكس نموذجًا مُرضيًا لإدارة الموارد"، في إشارة منها إلى الشراكات بين القطاعين العام والخاص مع الشركات مثل إكسون موبيل وشيفرون.

وعلى الجانب الآخر، تظهر الولايات المتحدة مزايا وجود إطار تنظيمي صارم وآليات تطبيق قوية، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة واحتجاز الكربون، وهي مجالات يمكن لدول الخليج أن تحذو حذوها لتنويع مصادر الطاقة لديها وتعزيز جهود التحول العالمي في مجال الطاقة بشكل كبير. 

وعاينت أثوال هذه الديناميكيات عن كثب عندما شاركت في إدارة مؤتمر مبدعي الخليج في جامعة هارفارد عام 2024، بصفتها نائبة رئيس مجلس إدارة "الديوان"، وهي منظمة غير ربحية تجمع الخبراء، والأكاديميين، وصانعي السياسات، والطلاب لمناقشة شتى القضايا ذات الصلة بالعالم العربي.

وقالت: "إن إحدى نقاط القوة الأساسية للتعاون بين الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية هي تنوع الخبرات ووجهات النظر، ومن خلال دمج القدرات البحثية المبتكرة للولايات المتحدة مع الرؤى الإقليمية والأولويات الاستراتيجية لدول الخليج بوسعنا تطوير حلول شاملة للتغيرات المناخية وتعزيز التنمية المستدامة". 

وتؤكد أثوال أن التبادل الثقافي يعزز التفاهم والاحترام المتبادل، في حين أن دمج الموارد – التمويل، والمرافق، والشبكات – يمكن أن يثمر عن نتائج أكثر تأثيرًا واستدامة.

إنجاز تاريخي 

تقديرًا لإسهاماتها الأكاديمية والبحثية في المجال القانوني العابر للأقاليم، حصلت أثوال في عام 2025 على منحة الدراسات القانونية من قسم الطاقة والبيئة والموارد الطبيعية وقانون البنية التحتية (SEERIL) التابع للرابطة الدولية للمحامين (IBA)، لتصبح بذلك أول طالبة في الشرق الأوسط تحصل على هذه الجائزة المرموقة التي تُمنح لعدد ضئيل من الباحثين المتميزين على مستوى العالم. ويعكس هذا الإنجاز الدور المتنامي للباحثين القانونيين بالمنطقة في تطوير قانون الطاقة والموارد الطبيعية.

نداء لممارسي المستقبل

وعندما سئلت عمن بوسعه أن يحذو حذوها في الذهاب من الدوحة إلى كامبريدج؟ أجابت إيلينا أثول بثقة: "كل من لديه شغف بالقانون البيئي الدولي وقانون الطاقة والتنمية المستدامة". وتزود هذه التجربة المزدوجة الخريجين بالمهارات والخبرات اللازمة للتعامل مع القضايا القانونية المعقدة وتقديم مساهمات مهمة في الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الدولية أو في مجال مناصرة السياسات العالمية. 

كما تدعو أثوال المزيد من النساء إلى خوض مغامرة ممارسة القانون البيئي، مشيرة إلى أن هذا المنظور سمح لها بتقديم وجهات نظر متنوعة وإثراء المناقشات، والمساهمة في عمليات صنع القرار، والارتقاء في مجال يهيمن عليه الرجال.

وأضافت: "آمل أن ألهم النساء الأخريات لمتابعة مسيرتهن المهنية في مجال القانون البيئي، وتعزيز التنوع بين الجنسين في هذا المجال". 

واستنادًا إلى تجربتها، ترى أثوال أن التعاون والشراكات هما السبيل الأمثل، مشيرة إلى أن الانتقادات المتبادلة بين الأقاليم غالبًا ما تنبع من سوء فهم يمكن تداركه وحله عبر الحوار. واختتمت حديثها قائلة: "شاركوا، وتعاونوا، وسلطوا الضوء على التطورات الإيجابية، فهذا النهج يعزز فهمًا أكثر دقة وتوازنًا لجهود وإنجازات كل منطقة". 

* أجريت هذه المقابلة مع إيلينا أثوال، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ICELIS Global - الاستشارات الاستراتيجية والاستشارات البيئية، والطالبة في برنامج الدكتوراه في العلوم القانونية (S.J.D) بكلية القانون في جامعة حمد بن خليفة.


دور الوسائل البديلة لتسوية المنازعات وحماية الملكية الفكرية في تحقيق رؤية قطر الوطنية

14 أكتوبر 2025
لقراءة المزيد

حوكمة الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية: "النهج الحقيقي لدورة الحياة"

16 يوليو 2025
لقراءة المزيد

أهمية الاستثمار في القطاع الخاص لإحداث تحول عادل في مجالات الطاقة بأفريقيا

30 ديسمبر 2024
لقراءة المزيد

هل حان الوقت لإلزام شركات الخليج بالإفصاح عن بياناتها المناخية؟

31 يوليو 2024
لقراءة المزيد

قصص نجاح خريجي جامعة حمد بن خليفة: أحمد الأحمد – كلية القانون

14 يوليو 2024
لقراءة المزيد

تكميم الأفواه في فلسطين تهديدٌ لحرية الإعلام

02 مايو 2024
لقراءة المزيد

المحاكم الدولية والقضية الفلسطينية: ما الفرق بين محكمة العدل والمحكمة الجنائية؟

07 فبراير 2024
لقراءة المزيد