هل نحن مستعدون لتجاوز تبعات الإغلاق؟ | جامعة حمد بن خليفة
Hamad Bin Khalifa University

البيانات الصحفية هل نحن مستعدون لتجاوز تبعات الإغلاق؟

*الدكتور محمد فرحان

لا تزال جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) تواصل انتشارها، حيث تجاوز عدد حالات الإصابة الآن حاجز الأربعة ملايين شخص، مع وصول معدل الوفيات إلى أكثر من 280,000 وفاة. 

ولاحتواء انتشار الفيروس، عززت البلدان في جميع أنحاء العالم من إرشاداتها وتدابيرها الاحترازية، حيث أُغلقت المدارس، والجامعات، ومراكز التسوق، وصالات الألعاب الرياضية، والحدائق، والشواطئ، وهو ما جعل الناس محبوسين بشكل رئيسي في منازلهم.

ورغم أن هذه الإجراءات الصارمة ضرورية لاحتواء انتشار الفيروس، إلا أنه من الطبيعي أن يكون لها تأثير على أفراد المجتمع. فقد يؤدي الإغلاق المتواصل والقيود الأخرى إلى زيادة اليأس والتوتر لدى الناس، وربما يترك تأثيرًا اجتماعيًا ونفسيًا سلبيًا على المجتمعات.

ويمكن للدماغ البشري التعامل مع اليأس، والقلق، والتوتر إلى حد ما، ولكن عندما يكون غير قادر على التأقلم، فإنه يؤدي إلى اليأس السلوكي، الذي قد يظهر بدايةً في شكل مشاكل نفسية شائعة مثل نوبات الإحباط، والقلق، والأرق المتمثل في صعوبة النوم. 

وقد يتطور هذا السلوك بشكل إضافي ليصل إلى الإصابة بالاكتئاب، والوسواس القهري، والميول الانتحارية، ويكون أكثر مدعاة للقلق لدى الأشخاص الذين تأثروا بالفعل بشكل مرضي آخر من هذه المشاكل.

وسوف تؤثر تدابير الإغلاق والإجراءات الصارمة الناجمة عن انتشار فيروس كوفيد-19 على الأشخاص الذين يُعانون من الاضطرابات النفسية بشدة، حيث أن هذه المواقف تنطوي على احتمالية عالية لتدهور حالاتهم النفسية.

ومن المهم لنا جميعًا أن نفهم كيفية التعامل مع هذه المشاكل النفسية، وإدارتها بشكل فعال، لتحسين حالاتنا المزاجية. وهذا الأمر يُعدُ أكثر أهمية للأشخاص المعرضين لمشاكل الصحة النفسية، وخاصة لمعرفة من يطلبون الدعم في حالة الطوارئ. ولعل وجود أو معرفة شخص يمكن لهؤلاء الأشخاص التحدث إليه، إذا لزم الأمر، تأثير مؤقت على العواطف السلبية، وقد يضعف العديد من هذه الاستجابات.

وينشغل العالم بالتعامل مع جائحة عالمية، وخلال هذا الوقت سيكون من الصعب تقدير مدى ارتفاع معدل الاضطرابات النفسية. ويعيش الأشخاص المتأثرون بفيروس كوفيد-19، وعائلاتهم، وأخصائيو الرعاية الصحية، وموظفو الأمن، ومقدمو الخدمات في حالة من التوتر، دون أدنى شك.


وفي بعض الدول، يتسبب الإغلاق الموسع في إنهاء العديد من الشركات لخدمات موظفيها، وأصبح الوضع الاقتصادي العالمي قاتمًا، ويبدو أن هناك ركودًا آخر بات وشيكًا.

وتبذل البلدان قصارى جهدها لتقليل الآثار الاجتماعية والاقتصادية للحظر المفروض على حركة الناس إلى الحد الأدنى، من خلال توجيه الشركات بالامتناع عن فصل الموظفين أو عبر مطالبتهم بسداد رواتبهم المستحقة لهم.

كما وفرت العديد من الدول خدمات الكهرباء والمياه بالمجان، مع اتخاذ الترتيبات اللازمة لتوفير الغذاء اليومي أو الأجور اليومية. وأتاحت العديد من منصات التعليم عبر الإنترنت دوراتها بالمجان.

والفرصة متاحة أيضًا لمنصات الاتصالات ووسائل الإعلام لتوفير إمكانية الوصول المجاني للأفراد الذين لديهم قنوات تلفزيونية أو مصادر إعلامية، بنفس الطريقة التي يوظفونها للاحتفال بالنجاحات الرياضية للدول، وبالتالي تشجيع الصحة النفسية والعقلية للناس.

وفي مثل هذا الوقت غير المسبوق من عدم اليقين، يجب أن نفهم أننا ليس لدينا سيطرةً على العديد من تلك الأشياء، ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يمكننا القيام به في المنزل لإسعاد عائلاتنا، والحفاظ على ارتفاع معنويات مجتمعنا.

ويجب أن نغتنم هذه الأوقات كفرصة لتحفيز عقولنا عبر إبقاء أنفسنا مشغولين بممارسة أنشطة مفيدة مثل القراءة، والموسيقى، والرقص، والتأمل، والطهي. وقد يكون لكتابة قصص إيجابية أو تعلم مهارات جديدة مثل البرمجة أو متابعة دورات عبر الإنترنت، ومشاركة اللحظات الإيجابية مع أصدقائك أو دائرة أوسع، تأثيرًا إيجابيًا على المجتمع. ويجب علينا أيضًا التقليل من متابعة وسائل الإعلام لأنها تركز على أخبار فيروس كورونا للحيلولة دون سيطرة هذه الأخبار على حياتنا وحالاتنا المزاجية.

* يشغل الدكتور محمد فرحان منصب أستاذ مساعد بكلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة.

ملاحظة:
هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة. 
 

أخبار متعلقة

من كوفيد-19 إلى طوكيو 2021: كيف سيعود الرياضيون إلى مضامير المنافسات؟

ما هو تأثير تأجيل عقد دورة الألعاب الأولمبية الصيفية بطوكيو إلى يوليو 2021 على جداول تدريب الرياضيين؟ ومع تخفيف الإغلاق تدريجيًا، كيف ستتطور تدريباتهم وتكيفهم واستعداداتهم على المدى الطويل للمشاركة في أكبر حدث رياضي في العالم؟

أين نحن من لقاح فايزر؟

شاركت شركة التكنولوجيا الحيوية "بيونتيك"، المملوكة لزوجين ألمانيَين من أصلٍ تركي هما الدكتور أوغور شاهين وأوزليم توريتشي، بعض الأخبار الواعدة مع شركة فايزر في أعقاب السباق الأكثر احتدامًا في العالم على التوصل للقاح للتحصين ضد فيروس كوفيد-19.