تأليف: الدكتور سعد شنّك، عالم في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة التابع لجامعة حمد بن خليفة

بحلول شهر رمضان المبارك، باتت أنماط الاستهلاك الغذائي المتغيرة تشكل تحديات كبيرة لإدارة سلاسل الإمداد، إذ غالبًا ما يؤدي الطلب المتزايد على الوجبات الغذائية إلى الإفراط في الشراء، وسوء استخدام الموارد، فضلًا عن هدر كميات كبيرة من الطعام. ولا تؤدي هذه التوجهات الجديدة إلى الإضرار بسلاسل إنتاج الغذاء فحسب، بل تزيد العبء على الموارد الأساسية من مياه وطاقة، خاصة في البيئات القاحلة التي تسعى لتحقيق الاستدامة.
ويكشف التركيز المتزايد على الطعام والوجبات الكبيرة في مآدب الإفطار والسحور عن الكثير من أوجه القصور والمخاوف البيئية؛ فمع تزايد معدل استهلاك الطعام، غالبًا ما يفرط الأفراد والشركات في الطلب، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار كميات كبيرة من الطعام، فضلًا عن إرسال إشارات مضللة للموردين بشأن معدلات الطلب، وبالتالي زيادة معدلات الإنتاج، وتراكم الفوائض بالمخازن، فضلًا عن زيادة القصور في سلسلة الإمداد الغذائي، والهدر المباشر للأغذية غير المأكولة، كما تؤدي هذه السلوكيات إلى هدر في الموارد المائية، والغذائية، ومصادر الطاقة المستخدمة في إنتاج هذه الأغذية، ونقلها، وتخزينها.
ويسعى العلماء في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة التابع لجامعة حمد بن خليفة، لإجراء البحوث وتطوير تقنيات مبتكرة تساهم في تحسين كفاءة سلاسل التوريد والحد من هدر الغذاء. ومن خلال الاستفادة من الرؤى القائمة على تحليل البيانات والتوقعات، فإن تطبيق قوت قطر (Qoot Qatar) - الذي طوره المعهد - يساعد الحكومات، والشركات، والأفراد على التوفيق بين الإمدادات الغذائية وأنماط الاستهلاك الحقيقية، فضلًا عن تقليل أوجه القصور وتحسين الاستدامة.
ولايقتصر هذا النهج على إجراء تحسينات لوجستية فقط، بل يمثل تحولًا شاملًا نحو الاستهلاك الرشيد للموارد، ويهدف للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدوات دعم القرار، لجعل استراتيجيات الأمن الغذائي أكثر تكيفًا ومرونة، وضمان تجاوب نظم الإنتاج والتوزيع مع أعداد الطلب الحقيقي، ولن يقلل ذلك من الهدر فحسب، بل سيعزز أيضًا التنوع الاقتصادي من خلال توفير قطاع غذائي أكثر كفاءة واستدامة.
ومع التطور المستمر في سلاسل التوريد لتمكينها من التصدي للتحديات الحديثة، تقدم الابتكارات التقنية المبنية على البحوث مثل (قوت قطر) حلولاً قابلة للتطوير من شأنها تحقيق الاستدامة على المدى الطويل، من خلال تبني ممارسات علمية في إدارة الموارد الغذائية، وترشيد استهلاكها، والحد من الآثار البيئية.