أين نحن من لقاح فايزر؟ | جامعة حمد بن خليفة
Hamad Bin Khalifa University

الابتكار أين نحن من لقاح فايزر؟

الدكتور محمد فرحان

شاركت شركة التكنولوجيا الحيوية "بيونتيك"، المملوكة لزوجين ألمانيَين من أصلٍ تركي هما الدكتور أوغور شاهين وأوزليم توريتشي، بعض الأخبار الواعدة مع شركة فايزر في أعقاب السباق الأكثر احتدامًا في العالم على التوصل للقاح للتحصين ضد فيروس كوفيد-19. وأدت النتائج الأولية، التي يحتمل أن تكون حاسمة، لتجربة لقاح "إم آر إن إيه" المقاوم للفيروس إلى ظهور بارقة أمل بين عامة الناس. فقد رحب قطاعا الضيافة والسفر بهذا التقدم الملحوظ. وفي حال نجاحه، فسيكون هذا هو أول لقاح في العالم يحتوي على جزء من الحمض النووي الريبوزي المرسال للفيروس. ومن بين 11 لقاحًا تخوض مراحل متقدمة من التجارب، تعكف شركة واحدة فقط، وهي شركة موديرنا، على تطوير لقاحات للحمض النووي الريبوزي المرسال بهدف التحصين ضد فيروس كوفيد-19، حيث أعلنت مؤخرًا أن لقاحها أثبت فعاليته أيضًا بنسبة 94.5٪.

وأعلنت شركتا فايزر وبيونتيك في بيان صحفي موجز أنهما أجريا تجارب على 43,500 متطوع في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين والبرازيل وألمانيا، وحقنوهم بجرعتين من اللقاح الخاضع للتجربة على مدار فترة امتدت لثلاثة أسابيع. وقدمت الشركتان تحليلاً للبيانات التي جُمعت من 94 متطوعًا كانت لديهم حالات مؤكدة من الإصابة بفيروس كوفيد-19. وتوصلت التجارب، التي أجريت بعد سبعة أيام فقط من تاريخ تلقي الجرعة الثانية، إلى أن التطعيم أثبت فعاليته في منع انتقال الفيروس والقضاء على أعراضه لدى أكثر من 90% من المتطوعين. 

ولم تظهر على هذه المجموعة الصغيرة من المتطوعين المحصنين أي آثار جانبية خطيرة. ورغم أن ما يقرب من نصف المتطوعين المشاركين في هذه الدراسة كانوا من كبار السن، إلا أنه لم تُقدَّم بيانات حول معدل فعالية اللقاح بين كبار السن، ومن يعانون من أمراض خطيرة، والأشخاص المعرضين لمخاطر مرتفعة. واعتبارًا من 8 نوفمبر 2020، سجلت الشركتان 42% من المتطوعين العالميين و30% من المتطوعين الأمريكيين ممن ينتمون لخلفيات عرقية وإثنية متنوعة.

ولم يُعرف بعد ما إذا كان هذا اللقاح سيخضع للتجارب لدى مجموعات سكانية مختلفة عرقيا مثل العرب والآسيويين، ولا أحد يعرف طول فترة المناعة التي يوفرها. وسيتم الكشف عن المزيد من المعلومات حول هذه المشكلات بمجرد نشر شركتا فايزر وبيونتيك لبيانات المرحلة الثالثة من التجارب في مجلة علمية مُحَكَمة. 

ولكي يحصل هذا اللقاح على ترخيص، وفقًا لإرشادات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، يتعين على الشركات الانتظار لمدة شهرين آخرين على الأقل لمعرفة ما إذا كان قد لوحظ حدوث أي مشاكل تتعلق بالسلامة أو الآثار السلبية لدى نصف الأشخاص على الأقل بعد مرور شهرين على تلقي آخر جرعة. ويوفر هذا اللقاح بُشريات كبيرة، ومع ذلك، حذر الخبراء من أن الجيل الأول من لقاح كوفيد-19 قد لا تثبت فعاليته في الوقاية من الفيروس بشكلٍ كاملٍ، على غرار لقاح الإنفلونزا. 

وتتمثل أكبر عقبة قد تحول دون تحقيق لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال للنجاح اللازم في ضرورة تخزينها في درجة حرارة مناسبة، فضلاً عن النقل، والتسليم، والمراقبة المستمرة لدرجة حرارة هذا اللقاح لأنه يحتاج باستمرار إلى التخزين في درجة حرارة أقل من -70 إلى -80 درجة مئوية. وقد يؤدي عدم التقيد بمتطلبات التخزين إلى تقليل العمر الافتراضي للقاح وفعاليته. وتشكل هذه المتطلبات الصارمة للحفاظ على سلسلة التبريد للقاح تحديًا حقيقيًا في بعض الدول الآسيوية أو الأماكن ذات الحرارة الشديدة أو البنية التحتية السيئة.

وتعمل شركة فايزر حاليًا على ضمان ثبات هذا اللقاح جنبًا إلى جنب مع حل مشكلات التخزين والمعالجة الأخرى وتطوير حلول لوجستية مبتكرة للتعبئة والتخزين للسماح بالتوافق مع الظروف السائدة في المواقع المختلفة بجميع أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، طورت الشركة حاوية تعتمد على الثلج الجاف يمكن تخزين اللقاحات فيها لمدة تتراوح بين 10-15 يومًا. ويمكن استخدام هذه الحاويات لأغراض النقل العابر للحدود أيضًا. وكحلٍ بديلٍ، يتعين على البلدان إنشاء محاور مركزية منفصلة أو مراكز تطعيم مجهزة بمجمدات شديدة البرودة يمكن إجراء التطعيمات فيها. وسيكون نجاح اللقاحات القائمة على البروتين من التجارب الجارية الأخرى مفيدًا جدًا للبلدان ذات الكثافة السكانية العالية والبنية التحتية الضعيفة.

وقد أعلنت شركتا فايزر وبيونتيك التزامهما بتصنيع 50 مليون جرعة في عام 2020 و1.3 مليار جرعة في عام 2021. وقد يبدو هذا العدد كبيرًا، ومع ذلك، فإن الطلب على اللقاح يبدو أعلى بكثير. فقد تم حجز نسبة كبيرة من هذا العرض (> 80%) بالفعل من قبل بلدان مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان. وفي النهاية، تشير الإحصائيات إلى أن اللقاح قد لا يكون متاحًا للعديد من البلدان الأخرى قبل نهاية العام المقبل.

وهناك تحدٍ آخر قد يواجه العديد من البلدان النامية والفقيرة، وهو تكلفة كل جرعة من هذا اللقاح. وبينما اتفقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على تكلفة تبلغ حوالي 20 دولارًا للجرعة، قد لا تتمكن الدول الفقيرة من تحمل تكلفة هذا اللقاح لجميع سكانها. ولا يزال العالم يأمل في أن تفرض شركة فايزر حزم تسعير مختلفة على البلدان الفقيرة. ولن يؤدي نجاح لقاح آخر من أصل 11 تجربة جارية حاليًا إلى تقليل التكلفة فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى تسريع عملية تحصين عدد كبير من الأشخاص في جميع أنحاء العالم من أجل القضاء على فيروس كوفيد-19 أو التعامل معه بنجاح.

ويُعدُ نجاح هذا اللقاح أو غيره من اللقاحات المقبلة نتيجةً مباشرةً لأبحاث مكثفة وغير مسبوقة. وقد لعبت الشراكة الفعالة والمواتية بين الأطباء والعلماء والقوى العاملة في مجال التكنولوجيا الحيوية دورًا مهمًا للغاية في إنجازها، حيث أدى نجاح هذه الشراكة إلى تعليمنا درسًا مهمًا للغاية مفاده أن البحث والتطوير العلمي، وتأهيل الأيدي العاملة في مجال التكنولوجيا الحيوية، هي آليات دفاع مهمة لحماية الجنس البشري والحفاظ على بقائه. إنه دليل على أن البلدان ستحتاج إلى المزيد من المختبرات وتمويل البحوث الأساسية دون انقطاع للتوصل إلى فهم أفضل للأمراض التي تصيب البشر وتحقيق الاكتفاء الذاتي في معالجة أوضاع مثل انتشار فيروس كوفيد-19.

ورغم أنه من غير الممكن التنبؤ بظهور الأمراض المعدية، فمن المهم أيضًا أن ندرك أن ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم يعانون من جائحات تصيبهم، ويتأثرون إما بالسرطان أو أمراض القلب والأوعية الدموية أو الصحة النفسية. وبنفس القدر من الحماس والروح، يمكن للأطباء والعلماء والقوى العاملة في مجال التكنولوجيا الحيوية، إذا تمت الاستفادة منها، التوصل إلى حلول قد تقضي على العديد من الأمراض البشرية الأخرى التي تصيب ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم.

يشغل الدكتور محمد فرحان منصب أستاذ مساعد بكلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة.

ملاحظة:
هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.

 

Hamad Bin Khalifa University

أخبار متعلقة

من كوفيد-19 إلى طوكيو 2021: كيف سيعود الرياضيون إلى مضامير المنافسات؟

ما هو تأثير تأجيل عقد دورة الألعاب الأولمبية الصيفية بطوكيو إلى يوليو 2021 على جداول تدريب الرياضيين؟ ومع تخفيف الإغلاق تدريجيًا، كيف ستتطور تدريباتهم وتكيفهم واستعداداتهم على المدى الطويل للمشاركة في أكبر حدث رياضي في العالم؟

كلية العلوم الصحية والحيوية بجامعة حمد بن خليفة تنظم ندوة عن علم جينوم الخلية المنفردة

نظَّمت كلية العلوم الصحية والحيوية بجامعة حمد بن خليفة، مؤخرًا، ندوة حول استخدام علم جينوم الخلية المنفردة في الطب الدقيق، وذلك بما يتماشى مع مهمتها المتمثلة في توفير التعليم الأساسي والتدريب البحثي لأخصائيي الرعاية الصحية المتخصصين.