تحويل المدن الذكية من خلال تطبيقات الطاقة الخضراء

تحويل المدن الذكية من خلال تطبيقات الطاقة الخضراء

05 ديسمبر 2021

يستفيد مشروع كلية العلوم والهندسة من النظام ال1ي يستخدم تقنية سلاسل البيانات، والعقود الذكية، والعدادات الذكية في تداول الطاقة من نظير إلى نظير

يُعدُ استخدام مصادر الطاقة النظيفة ووسائل النقل الصديقة للبيئة من العناصر الأساسية للحد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، حسبما ذكرت اتفاقية باريس للمناخ. وفي مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021، الذي عُقد مؤخرًا في مدينة جلاسكو الاسكتلندية، طُرحت مجموعة جديدة من التعهدات لتسريع الانتقال إلى استخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة التي تتميز بانعدام إصدارها للانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة.

ويمكن أن يؤدي طرح أنواع الوقود منخفضة الكربون أو الخالية من الكربون مثل الهيدروجين إلى تقليل الانبعاثات الغازية الضارة بشكل كبير. وفي الواقع، إذا لم يُستخدم الوقود النظيف أو السيارات الكهربائية، فمن المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة في قطاع النقل والمواصلات بنسبة 54٪ بحلول عام 2035، وهو ما سيؤدي إلى حدوث زيادة كبيرة في الطلب العالمي على الوقود الأحفوري.

تشجيع التغيير الإيجابي بيئيًا

تُعدُ دولة قطر نموذجًا يحتذى به في حدوث التحول بسرعة كبيرة إلى استخدام مصادر الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة. وتستهدف 'مبادرة السيارة الخضراء' المستدامة الوصول بنسبة السيارات الصديقة للبيئة التي تسير على الطرق في دولة قطر إلى 10٪ بحلول عام 2030، وهي جزء حيوي من رؤية الدولة المتعلقة بالمدن الذكية، باعتبارها بيئات مستدامة وصديقة للبيئة.

وتُعدُ وسائل النقل والمواصلات الكهربائية واستخدام السيارات الكهربائية من الوسائل الواعدة للغاية في إطار الجهود الرامية لتسريع انتقال قطر إلى أنظمة نقل أنظف وموفرة للطاقة. ومع ذلك، يتطلب تعزيز هذا التحول واسع النطاق وتشجيعه وجود بنية تحتية ملائمة. ويشمل ذلك زيادة عدد محطات الشحن المتاحة لمستخدمي الطريق والتأكد من تشغيل المحطات باستخدام مصادر الطاقة المتجددة.

وإدراكًا منها لهذه الاحتياجات، تدعم المشاريع البحثية التي يقودها الدكتور محمد عبد الله، الأستاذ المشارك بكلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة؛ والدكتور يوسف بشر، الأستاذ المساعد في الكلية، الجهود التي تبذلها دولة قطر في هذا الصدد عبر طرح حلول مبتكرة تلبي الاحتياجات الصناعية في البلاد.

تأمين متطلبات الطاقة لمحطات شحن السيارات الكهربائية

يهدف المشروع، الذي يقوده الدكتور يوسف بشر، إلى ضمان توفير الطاقة بشكل مستمر وموثوق فيه لمحطات شحن السيارات الكهربائية التي تعمل بالطاقة الشمسية في البلاد من خلال دمج أنظمة تخزين الطاقة الهيدروجينية.

ويؤدي تعاقب الليل والنهار، وانتشار الغيوم والضباب والأتربة في بعض الأيام إلى توافر مصادر الطاقة الشمسية بوتيرة متقطعة، وهو ما يستدعي الحاجة إلى سد الفجوة بين إمدادات الطاقة والطلب المتغير على الكهرباء للسيارات الكهربائية. ويجب أن تكون محطات الشحن القائمة على الطاقة الشمسية مزودة بوحدات تخزين مناسبة لتأمين الكهرباء المطلوبة بهدف تلبية احتياجات الشحن دون الضغط أو زيادة العبء على مرافق البنية التحتية الحالية للكهرباء. 

ويتميز الهيدروجين بأنه ناقل واعد للطاقة وخالٍ من الكربون، وهو ما يجعله مخزنًا مؤقتًا وقابلاً للتحويل إلى الكهرباء عند الطلب عبر خلايا الوقود. ويُعدُ إنتاج الهيدروجين الأخضر من الطاقة الشمسية من بين أفضل الحلول المتاحة لتوفير متطلبات الطاقة لمحطات الشحن المستدامة للسيارات الكهربائية.

نهج مبتكر يعمل على تحسين استخدام الطاقة الشمسية

يطرح مشروع الدكتور بشر فكرة تحويل الطاقة الشمسية الوفيرة إلى شكلين مختلفين للطاقة وهما: الطاقة الكهربائية في البطاريات والطاقة الكيميائية في الهيدروجين. ومع توفير نظام تخزين الطاقة الهيدروجينية، يمكن للكهرباء الناتجة عن استخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية مثل الخلايا الكهروضوئية أن تفي بأحمال الطاقة المطلوبة على الرغم من الطبيعة المتقلبة والعشوائية للطاقة الشمسية. ويمكن أن تحقق هذه التركيبة الهجينة لنظام تخزين الطاقة العديد من الفوائد من بينها: توفير جدول شحن أكثر مرونة للسيارات الكهربائية، وتخزين الطاقة لفترة طويل الأجل، وتقليل احتمالات تدهور البطاريات، وتقليل استخدام مولدات الديزل، والحد من انبعاثات الغازات الضارة.

وأوضح الدكتور يوسف الفوائد المتوقعة لمشروعه فقال: "بمجرد تنفيذ المشروع، ستكون محطات شحن السيارات الكهربائية الحالية أكثر استعدادًا واستجابةً لطلبات الشحن. وسيؤدي تخزين الهيدروجين الأخضر إلى تحسين معدل توافر الطاقة خلال المواسم والأشهر المختلفة. ويُعدُ هذا المشروع التجريبي ضروريًا لتعزيز الدراسات البحثية التجريبية والنظرية الرامية لابتكار محطات الشحن الخضراء للسيارات الكهربائية التي تعمل بطاقة الهيدروجين."

ويحظى هذا المشروع بتمويل من مركز الابتكار التابع لجامعة حمد بن خليفة في إطار مشاريع صندوق الابتكار الصناعي لعام 2021. ويتعاون مع الدكتور يوسف في هذا المشروع كلٌ من الدكتور عبد الله الوحيدي من مؤسسة كهرماء؛ وكاندا دايسوكي من شركة ماروبيني الشرق الأوسط للطاقة؛ وكارلوس منديز، المرشح لنيل درجة الدكتوراه في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة.

سلاسل البيانات يمكنها إيجاد دور للمستهلكين في سوق الطاقة الخضراء

أدى انتشار تكنولوجيا الطاقة المتجددة التي تستخدم في تشغيل السيارات الكهربائية داخل المدن الذكية، وكذلك ألواح تخزين الطاقة الشمسية فوق أسطح المنازل والمباني، وتكنولوجيا تخزين الطاقة في البطاريات إلى ظهور نوع جديد من العملاء، يعرف عمومًا باسم "المنتج المستهلك"، حيث يتمتع هذا العميل بالقدرة على إنتاج وإدارة عملية استهلاك الطاقة التي يحتاج إليها. وعبر منح المستهلكين الفرصة لبيع الفائض من مخزون الطاقة المتوفر لديهم بشكل مباشر إلى مستهلكين آخرين على أساس تحقيق الاستفادة المتبادلة، يمكن لتكنولوجيا سلاسل البيانات المساهمة في ظهور سوق مفتوح وغير مركزي للطاقة؛ وتعزيز عملية إنتاج الطاقة المتجددة؛ وتقليل البصمة الكربونية لقطاع الطاقة؛ والمساعدة في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الخضراء والصديقة للبيئة.

وتجدر الإشارة إلى أن سلاسل البيانات هي تكنولوجيا واعدة تُمَكِن عملية التداول في البيئات غير الموثوقة، وهو ما يعني عدم احتياج المشاركين لمعرفة الطرف الآخر أو الوثوق به، كما لا تتطلب هذه التقنية وجود وسطاء. وبالنسبة لقطاع الطاقة، ستمكِّن هذه التكنولوجيا الأفراد من المشاركة بنشاط في سوق الطاقة بصفتهم موردين للطاقة ومستهلكين لها. 

وقد طوَّر مشروع يقوده الدكتور محمد عبد الله، بالتعاون مع برنامج قطر الذكية "تسمو"، التابع لوزارة المواصلات والاتصالات، نظامًا يستفيد من تكنولوجيا سلاسل البيانات، والعقود الذكية والعدادات الذكية لإدارة عملية تبادل فائض الطاقة بين مالكي المركبات الكهربائية دون الرجوع إلى طرف ثالث رئيسي.

وأوضح الدكتور محمد عبد الله فكرة هذا المشروع فقال: "يتمثل الهدف الأسمى لمشروعنا في إيجاد حوافز للاستثمار في مجال إنتاج الطاقة المتجددة. وباستخدام هذا النهج، يمكن مشاركة عدد كبير جدًا من المنتجين والمستهلكين المحليين في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، لا سيَّما في عملية ضمان توفير الكهرباء النظيفة للسيارات الكهربائية، وتخفيف الحمل على شبكة الطاقة الوطنية، وضمان توصيل الكهرباء للمرافق الحيوية، التي تشمل المستشفيات، في حالة وقوع كارثة أو عدم استقرار للشبكة أو عند انقطاع التيار الكهربائي. ويمكن للمشروع أيضًا تعزيز عملية إنتاج الطاقة المتجددة دون إجراء تغييرات كبيرة على البنية التحتية الحالية للطاقة."

وفي سياق استراتيجية المدن الذكية في قطر، ستساهم النتائج في الجهود المبذولة لتحقيق أهداف الاستدامة الوطنية، بما في ذلك أهداف الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في إطار استراتيجية قطر الوطنية للبيئة وتغير المناخ.