التفاعل بين الإنسان والحاسوب: مستشعر الرؤية الذكي

التفاعل بين الإنسان والحاسوب: مستشعر الرؤية الذكي بجامعة حمد بن خليفة يسعى للارتقاء إلى مستوى الذكاء التالي

31 أكتوبر 2021

التفاعل بين الإنسان والحاسوب: مستشعر الرؤية الذكي بجامعة حمد بن خليفة يسعى للارتقاء إلى مستوى الذكاء التالي

البصر أحد الحواس البشرية الخمس، ولكن التكنولوجيا شهدت تطورات كبيرة في العصر الحالي بحيث أصبحت الرؤية بدعم من تقنيات الذكاء الاصطناعي ضروريةً أيضًا للروبوتات، وقطاع البصريات، وأنظمة الرؤية الآلية، وجهود الأتمتة.

وتستفيد العديد من الصناعات من أنظمة الرؤية الآلية، بما في ذلك المركبات ذاتية القيادة، وأنشطة الأتمتة الصناعية مثل تغليف المواد الغذائية وتعبئة المشروبات؛ وعمليات تجميع أشباه الموصلات، وشركات الأدوية، بالإضافة إلى مهام الأتمتة مثل القيادة بمساعدة التكنولوجيا، والإحصاء، ومراقبة الجودة، واكتشاف العيوب. 

وفي كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، تجمع مجموعة أبحاث تكنولوجيا الاستشعار بين خبراء عالميين متخصصين في هذا المجال تحت قيادة الدكتور أمين برماق، الأستاذ والعميد المشارك بالكلية. وتتميز هذه المجموعة البحثية بأنها فريدة من نوعها في المنطقة وتبذل جهودًا دؤوبةً لتسخير القدرات التكنولوجية الجديدة لإتاحة إمكانية الارتقاء إلى المستوى التالي من الذكاء في التفاعل بين الإنسان والآلة. فعلى سبيل المثال، أدت جائحة كوفيد-19 إلى تحقيق المجموعة لتقدمٍ ملحوظٍ في العمل على نموذجها الأولي "القناع الذكي"، الذي صُمم بحيث يرتديه الشخص على غرار أقنعة الوجه الطبية الشائعة الاستخدام في الوقت الحالي. ومن بين المجالات الرئيسية لعمل المجموعة تطوير أجهزة استشعار الرؤية، ويقود الدكتور برماق حاليًا مشروعًا لتصميم جهاز استشعار ذكي للرؤية.

ما هو جهاز استشعار الرؤية؟

تُعد أجهزة استشعار الرؤية، التي تُعرف أحيانًا باسم "الرؤية الآلية"، مكونًا رئيسيًا في أنظمة الذكاء الاصطناعي المبتكرة اليوم لأنها تمكن هذه الأنظمة من "رؤية" البيئة التي تتواجد فيها والتفاعل مع العالم الخارجي. ومن أمثلة الأماكن التي يمكننا فيها ملاحظة هذه القدرة استخدام أنظمة الرؤية الآلية في الأنظمة المتقدمة لمساعدة السائق. 

الرؤية الآلية والسيارات

تستخدم الأنظمة المتقدمة لمساعدة السائق بمساعدة الحاسوب مجموعة من مستشعرات الصور الضوئية المختلفة لتمكين السيارات من تعلم كيفية إدراك البيئة والاستجابة بشكل مستقل أو تنبيه السائق. وتساعد خوارزميات الرؤية الحاسوبية مثل التعرف على الأشياء، واكتشاف إشارات الطريق، واكتشاف المشاة، وتتبع الممرات، والمساعدة في ركن السيارة، والتحكم في المركبة، والتحذير من الاصطدام، وما إلى ذلك، في القيادة الآمنة والذكية.

وبعد التقاط صورة عالية الجودة، يجب أن يحلل نظام الرؤية الآلية ما يجري، ويكتشف ما إذا كان هناك تغيير في ظروف الطريق في الوقت الفعلي مثل إذا كانت هناك سيارة أخرى تفرمل أو إذا كان أحد المشاة يسير في طريقها. ويتعين على النظام بعد ذلك اتخاذ قرار قيادة تصحيحي، مثل ما إذا كان النظام يحتاج إلى الفرامل أو ضبط سرعة السيارة أو اتجاهها.

ما هو التحدي والهدف؟

تتميز أجهزة الاستشعار القائمة على أنظمة الرؤية بأنها أسرع وأكثر دقة بشكل كبير من البشر الذين يؤدون مهمة مماثلة ولكنها لها متطلبات عالية فيما يتعلق بالتحكم في الوقت الفعلي. وتعالج معظم مستشعرات الصور المعلومات من المشهد بطريقة محدودة فقط. وفي حالة الأنظمة المتقدمة لمساعدة السائق، يجب أن تعالج خوارزميات الرؤية الحاسوبية إطارات الصور بسرعة لتحديد الخطر وتجنبه نظرًا لأن السيارة يجب أن تتفاعل معها في كثيرٍ من الأحيان بسرعة كبيرة. ويرتبط وقت معالجة الخوارزمية ارتباطًا مباشرًا بقوة الحوسبة.

كيف تصبح أجهزة استشعار الرؤية ذكية؟

يهدف جهاز استشعار الرؤية الذكي، الذي يعكف الدكتور برماق وفريقه في مجموعة أبحاث أجهزة الاستشعار حاليًا على تطويره، إلى الارتقاء بنظام الرؤية الذكية إلى مستوى الذكاء التالي بقوة فائقة وتكلفة وطاقة منخفضة ووقت استجابة أقل.

ويعمل الفريق على تصميم مستشعر رؤية ذكي موفر للطاقة يتميز بقدرات الذكاء الاصطناعي المدمجة جنبًا إلى جنب مع المصفوفة الحسية للصورة. وسوف يتميز مستشعر الرؤية لأول مرة بالتصميم المشترك لخوارزميات الذكاء الاصطناعي المبتكرة والأجهزة ذات الكفاءة الحسابية مع مستشعر الرؤية متعدد الميزات. ويتلقى الفريق الدعم للمشروع في إطار برنامج الأولويات الوطنية للبحوث التابع للصندوق القطري لرعاية البحث العلمي.

ما هي الجوانب المبتكرة؟

تعتمد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المبتكرة بشكل كبير على الأجهزة كمحرك أساسي للابتكار، وخصوصًا للوظائف المنطقية والذاكرة. ويشتمل مستشعر الرؤية الذكية المقترح من كلية العلوم والهندسة على العديد من الجوانب المبتكرة.

والجانب الأول هو خوارزميات الذكاء الاصطناعي الملائمة للأجهزة مع المعالجة المرتكزة على الأحداث. ويمكن أن تحقق المستشعرات المرتكزة على الأحداث أوقات استجابة قصيرة جدًا لا تُقيد إلا من خلال الحد الأدنى لوقت استجابة المستشعر، لأنها تجمع البيانات فقط عند حدوث شيء ما.

وتُعد الكاميرا القائمة على الأحداث، والمعروفة أيضًا باسم شبكية العين السيليكونية أو مستشعر الرؤية الديناميكية أو الكاميرا العصبية، نظام رؤية مستوحى من النظم البيولوجية حيث يكتسب المعلومات المرئية بطريقة مختلفة عن الكاميرات العادية. وتعمل أنظمة الرؤية القائمة على الأحداث مثل العين والدماغ لإدراك حيوية المشهد والتغاضي عن الأمور غير المرتبطة بالحدث. وتنتج هذه الأنظمة بيانات أقل بكثير من المستشعر التقليدي مع تحقيق دقة زمنية مكافئة أعلى لالتقاط الحركات بسلاسة. ويمكن أن يساهم استخدام الكاميرا القائمة على الأحداث في التعرف المبكر على الصور في توفير ميزة كبيرة لتطبيقات معالجة الصور في الوقت الفعلي. 

وعبر تجاوز القيود المتأصلة في الرؤية الحاسوبية التقليدية، تقوض الرؤية القائمة على الأحداث التكنولوجيا المستخدمة حاليًا في مجالات مثل السيارات والذكاء الاصطناعي والتعلم العميق والأتمتة الصناعية وإنترنت الأشياء وغيرها.

والجانب الثاني هو بنية الحوسبة العميقة الجديدة للمستشعر مع معالجة الإشارات المختلطة الموفرة للطاقة. وتعمل بنية معالجة الإشارات المختلطة القابلة لإعادة التكوين والديناميكية بالكامل على توسيع قدرات المعالجة بأعلى كفاءة في استخدام الطاقة.

والجانب الثالث هو أن مستشعر الرؤية القائمة على الأحداث سيحتوي على ذكاء مدمج (أي استخراج الميزات المتضمنة)، والجانب الرابع هو أن المستشعر سوف يستخدم منهجيات تكامل نظام الرؤية المبتكرة مع إدخال بعض التحسينات الخاصة بالتطبيق.

النتيجة: التحول في الرؤية الآلية

سوف تساعد الأجهزة الجديدة المبتكرة التي تُنشر لاستخدامها في مستشعر الرؤية الذكية في التغلب على قيود الرؤية الآلية عبر تمكين عناصر السرعة والأداء والكفاءة والسلامة للسماح لمستشعر الرؤية بالتفاعل بشكل أكثر ذكاءً واستقلالية وسرعة وأمانًا من أي وقت مضى.

الاستخدامات المحتملة 

يمكن نشر مستشعر الرؤية الذكي الذي تطوره كلية العلوم والهندسة لاستخدامه في مجموعة واسعة من التطبيقات ذات المهام الحيوية بدايةً من الأمن والمراقبة ومرورًا بالخدمات اللوجستية والطبية والوظائف المعيشية المساعدة (لدعم ضعاف البصر والمكفوفين). ويمكن للمستشعر أيضًا تقديم حلول متقدمة للسلامة المرورية عبر استخدام الأنظمة المتقدمة لمساعدة السائق في المركبات ذاتية القيادة في المستقبل.

وترتبط النتائج المتوقعة ارتباطًا قويًا بالاستخدام الواسع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الذي يتماشى بشكل مباشر مع الموضوع الذي يحظى بأولوية في استراتيجية قطر الوطنية للبحوث، ومع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في دولة قطر، التي وضعها مركز قطر للذكاء الاصطناعي، التابع لمعهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة.

ويتوقع الدكتور برماق أن يؤدي المشروع إلى تحقيق نتائج قابلة للحماية بموجب براءة اختراع، ومجموعة من المساهمات عالية الجودة وقابلة للنشر، وتدريب طلاب الدراسات العليا في مجال بحثي مستجد ورائج بشكل متزايد.

وقال الدكتور برماق: "لن يوفر هذا المشروع مستشعر رؤية ذكي وفريد فحسب، بل سيوفر أيضًا رؤية جديدة لتصميم إلكترونيات أخرى متعددة الوظائف للتواصل بين الإنسان والآلة. ونحن نتقدم باستمرار في استخدامنا للتكنولوجيا الذكية والذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية للناس بهدف تحسين نوعية الحياة في القرن الحادي والعشرين. ويطرح هذا المشروع مثالاً على كيف ستدعم القدرات المتخصصة في كلية العلوم والهندسة قطاعًا صناعيًا ناشئًا في مجال الذكاء الاصطناعي لصالح الاقتصاد والمجتمع القائم على المعرفة في قطر."