دليل الناجين للتفوق في الدراسات العليا | جامعة حمد بن خليفة

دليل الناجين للتفوق في الدراسات العليا

30 ديسمبر 2020

دليل الناجين للتفوق في الدراسات العليا

يقدّم الدكتور موفق حوسة، الأستاذ المشارك في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، في سياق هذه الأسئلة والأجوبة، نظرته حول أفضل السُبل لطلاب الدراسات العليا من أجل خوض الحياة الأكاديمية، وخاصة تمكينهم من نشر مؤلفاتهم. وجدير بالذكر أن للدكتور حوسة أكثر من 200 منشور باسمه، فضلاً عن قيامه بتحرير 10 كتب في مجال الصحة.

لماذا يُعد من المهم بالنسبة للطلاب نشر أعمالهم؟

يأتي إليّ العديد من الطلاب والمتخصصين الراغبين بنشر أعمالهم. هذا ليس بالأمر السهل، وعليهم أن يدركوا ذلك، لكن كل شيء يتوقف على مدى قوة دوافعهم.

ولعل أحد الأخطاء التي ارتكبتها تتمثل في عدم فهم تأثير نشر البحوث حتى انتهيت من دراسة الدكتوراه، وعندها أدركت أنه في العالم الأكاديمي عليك أن تنشر أو تزول. وقد تغيّر هذا المفهوم قليلاً اليوم إلى "الاستخدام أو الزوال"، وذلك مع التشديد الآن على أهمية توفير الدليل لفكرتك، والحصول على مراجعة حولها، ومن ثم استخدامها. ونحن نرى أن جامعة حمد بن خليفة باتت تتبع هذا النموذج، على غرار الجامعات الكبرى مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

لقد كان من الكافي قبل سنوات قليلة نشر أبحاثك، أما الآن، لا سيما في مجالات العلوم والتكنولوجيا والرعاية الصحية ومثيلاتها، لا بد لك من استخدام فكرتك على أرض الواقع لإحداث تأثير على المجتمع والعالم من حولك، وكذلك لجلب الإيرادات وجعل الفكرة مستدامة.

بالنسبة لهؤلاء الطلاب الذين يسألون عن أهمية النشر: أولاً، عليكم أن تتوقعوا أنكم ستدفعون عجلة العلوم قُدماً وستحققون فارقاً بالنسبة للمجتمع. ثانياً، وهو أمر يتطلع إليه الكثير من الطلاب، إنه يجعل سيرتكم الذاتية أكثر قوة، ويوفر لكم ميزة مهمة بالنسبة لأي شخص يعمل في مجال التوظيف. إنه أحد العوامل التي تسمح للآخرين بإدراك أن هذا الشخص قادر على العمل ضمن فريق، وتنظيم أفكاره، والكتابة والتحدث بأسلوب متسق ومنطقي ومتماسك.

والعديد من الطلاب الذين تُنشر أعمالهم يشعرون بأهميتهم، بل ويتعلقون بعملية وإجراءات النشر. لا شك بأن العثور على استشهادات بعملهم بجوار أساتذتهم يحفزهم أكثر على إجراء المزيد من البحوث.

إذن، الأمر يتعلق بالحافز والتفاني، ومدى تعطشك إلى إحداث تغيير في هذا العالم، والاعتراف بقيمة عملك. ولعل أحد النقاط المهمة هي أنه في حين لا يحصل الأفراد دائماً على تعويض من شركتهم أو مؤسستهم، إلا أن نشرهم ورقة بحثية يُساهم في بناء المصداقية ونيل الاعتراف. إن قيام مجلة بنشر اسمك وتحوّله إلى "اسم عالمي" يوفر للأشخاص شعوراً بالأهمية قد لا يحصلون عليها عند قيامهم بمهام أخرى. 

ما هي الدروس المستقاة من نشر الأعمال بالنسبة لطلاب الدراسات العليا؟

إن نشر ورقة هو أمر يستهلك الكثير من الوقت، لذلك فهو يعلّم الطلاب فضيلة الصبر. ستختبر كذلك الرفض، حيث يقول لك البعض بأن ورقتك غير جيدة بالقدر الكافي، وإنه يتوجب عليك تغييرها وتعديلها. عليك أن تكون صبوراً، لأنه عند قيامك بإرسال ورقة بحثية للمراجعة، فإنك تجهل من هم المراجعون، وقد يقولون عنك أشياء ليست بإيجابية. هذا هو الواقع. 

هنا يأتي دور التوجيه، لأنني كنت سأقول له بأني قوبلت بالرفض مرات عديدة. لقد كنت حساساً في بداية مسيرتي، لكن، وعلى مرّ الأيام، فقد أدركت بأن الرفض هو جزء طبيعي من العملية، وعليك أن تتعلم التماسك والمضي قُدماً. هذا باختصار هو العالم الأكاديمي. 

ستواجه العديد من العوائق في حياتك، وخاصة الأكاديمية منها. والأمر الذي سيجعلك تبقى وتستمر هو هذا النهم الرامي إلى إحداث الفارق في مجتمعك ومجالك البحثي. إذن، عندما تكون على أسوأ حال، وتبدأ في التساؤل عن مدى قيمتك، فإن إيمانك سيُلهمك ويساعدك على المضي قُدماً.

كيف يُمكن لطلاب الدراسات العليا العثور على الموجه الملائم؟

يُمكنك الاقتراب من أستاذ معيّن وأن تطلب منه الانضمام إلى فريقه البحثي. وعندما ألحظ طالباً متفانياً وراغباً في التعلّم، لن أُمانع في استثمار المزيد من الوقت معه. إن وجود الموجه الملائم هو أمر مهم، حيث أن التوجيه يُمثّل وضعاً مفيداً للأساتذة والطلاب في آن معاً. يتوجب على الطلاب العمل مع الأكاديميين الذين يتمتعون بالنزاهة والاستقامة، ويُمكن الإطلاع على ذلك عبر منشوراتهم، والسؤال عنهم.

عندما يشعر أياً من طلاب ما بعد الدكتوراه لديّ بالإحباط، فأنا أُطمئنهم وأتعاطف معهم لأنني مررت بنفس التجربة من قبل. وهكذا أيضاً فإنني أبني فريقاً مخلصاً لرؤيتي ورؤية المؤسسة. ومن الجيد أن نحاول دائماً تدريب الطلاب ليكونوا أفضل منا جميعًا. 

ما هو سر تفرد الحياة الأكاديمية في جامعة حمد بن خليفة؟

توفر جامعة حمد بن خليفة كم هائل من الفرص التي تسمح لك بتسليط الضوء على بحوثك وأن تحدث تأثيراً في المجتمع، كما أن قيادة الجامعة توفر كل أشكال الدعم. تتميز جامعات الشرق الأوسط بتركيزها على التعليم، لكن جامعة حمد بن خليفة تركز على البحوث وإحداث التأثير، وهو أمر متطلب، لكن مجزٍ للغاية.

إن إيماني الروحي وحقيقة أننا نُحدث فارقاً في العالم هما عاملان محفزان جداً بالنسبة لي. وأنا أعتقد بأن الإلهام المبني على الإيمان بغرض النشر، والخدمة، وإحداث الفارق كباحثين يُمكنه أن يدعمك في التصدي لكافة التحديات.