الخبرات والدروس المستفادة في كليات جامعة حمد بن خليفة

الخبرات والدروس المستفادة في كليات جامعة حمد بن خليفة مع بدء المرحلة الرابعة من إجراءات رفع القيود

06 سبتمبر 2020

الخبرات والدروس المستفادة في كليات جامعة حمد بن خليفة  مع بدء المرحلة الرابعة من إجراءات رفع القيود

مع دخول دولة قطر، مؤخرًا، المرحلة الرابعة من رفع القيود المفروضة بسبب انتشار فيروس كوفيد-19، تحدثنا مع عمداء الكليات الست في جامعة حمد بن خليفة. وفي حلقتنا الثانية من سلسلة البيانات الخاصة المكونة من حلقتين، يتبادل عمداء كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، وكلية العلوم والهندسة، وكلية العلوم الصحية والحيوية أفكارهم حول الدروس المستفادة من الجائحة، والأسباب التي تدعو للأمل والحذر، وتوقعاتهم لما قد يحمله المستقبل في مجالات تخصصهم.

الدكتورة أمل محمد المالكي، العميدة المؤسِّسة لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية

مع عودة الحياة إلى بعض مظاهرها الطبيعية، يجب علينا إجراء تقييم سريع لآثار جائحة كوفيد-19 قبل أن تصبح تاريخًا بعيدًا. ورغم أنني متأكدة من أن ذكريات الجائحة لن تُنسى بسهولة، إلا أنها ستكون مختلفة ومتباينة. ويُمكننا أن نجزم بثقة أننا تعلمنا بعض الدروس الأساسية من هذه الجائحة. والدرس الأول الذي يمكن أن نتعلمه من هذه الجائحة هو أن العالم لم يكن أصغر مما هو عليه الآن في أي وقت مضى، وأن القواسم المشتركة بين الدول تطغى على اختلافاتهم. فعندما يعاني جزء من العالم، فإننا نعاني جميعًا تمامًا كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى."

وفي هذا الواقع الجديد، كان التواصل أمرًا بالغ الأهمية. فقد اعتمدت إدارة الأزمات التي نفذتها المنظمات والحكومات على اتصالات واضحة تسعى جاهدة للوصول إلى كافة قطاعات المجتمع. وفي بيئتنا متعددة الثقافات، كان التواصل بين الثقافات، ونقل الرسائل الصحية باستخدام لغات مختلفة، هو الذي سهل عملية احتواء الفيروس. وعند صياغة الرسائل المهمة، تؤدي الاعتبارات الثقافية دورًا مهمًا في فهم الجماهير وقبولها لهذه الرسائل، لكي يتمكنوا من تحمل المسؤولية عن سلامة مجتمعاتهم.

ومن الدروس المهمة الأخرى هو أننا نقف جميعًا في قارب واحد، بغض النظر عن اختلاف مستوى امتيازاتنا الاجتماعية أو الاقتصادية. وقد كشف فيروس كوفيد-19 عن أوجه عدم المساواة التي كانت موجودة بالفعل في مجتمعاتنا ولكنها ازدادت بسبب الإغلاق أو غيرها من الجوانب المتغيرة للحياة اليومية أثناء الجائحة. وقد تعرّفنا على الفئات الأكثر ضعفًا وحرمانًا، وهم الأشخاص الذين يفتقرون إلى رفاهية التباعد الاجتماعي، والذين فقدوا مصدر رزقهم، والأفراد الذين تعرضوا لانتهاكات متزايدة أثناء فترة الإغلاق. وفي هذه الأزمة، زاد التداخل بين المساحات الفردية والجماعية. ولم يعد بإمكاننا أن نغض الطرف عن تلك المظالم. ومن واجبنا فضح جميع ممارسات الظلم ومعالجتها ووقفها، لجعل مجتمعاتنا أماكن أفضل بعد رحيلنا."

الدكتور منير حمدي، العميد المؤسس، كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة

ساهم انتشار فيروس كوفيد-19 في تطوير قدراتنا على عقد الفصول الدراسية عبر الإنترنت، واستخدام المنصات الجديدة والأدوات التفاعلية التي قمنا بتحسينها باستمرار من خلال إشراك طلابنا وأعضاء هيئة التدريس للحصول على النصائح والتعقيبات الضرورية. وقد تعلمنا الكثير من خلال تطوير العديد من الأوجه باستمرار، وخرَّجت الكلية في النهاية ثمانية باحثين حصلوا على شهادة الدكتوراه، وأكثر من 60 طالب ماجستير خلال العام الدراسي الماضي.

وخلال الأشهر الماضية، حققت الكلية أيضًا تقدمًا في تبادل المعرفة والبحوث، حيث عقدنا مجموعةً كبيرةً من الندوات الافتراضية، لدعم الاستجابات المؤسسية التي قامت بها دولة قطر للتعامل مع الجائحة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، اكتشف علماؤنا أقنعة ذكية قادرة على اكتشاف أمراض معينة، مثل فيروس كوفيد-19. وقد صممنا تطبيقات لتتبع المخالطين، وأخرى تساعد الآباء والأمهات على مراقبة الصحة النفسية لأطفالهم خلال هذه الفترة، وأنشأنا بنية رقمية تُمَكِن الروبوتات من تطهير كل من المناطق الداخلية والخارجية بشكل مستقل. وفي الوقت نفسه، حصلت الكلية على أربع منح بحثية لإجراء أبحاث تتعلق بفيروس كوفيد-19 في إطار برنامج دعوة الاستجابة السريعة التي أطلقها الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي للتعامل مع الفيروس. 

وقد ارتفعت مستويات تعاوننا مع الأطراف المعنية، حيث عملنا عن كثب مع مؤسسة حمد الطبية بشأن القضايا المتعلقة بفيروس كوفيد-19، بما في ذلك طرق تنظيف أقنعة إن 95 لإعادة استخدامها، وتصميم مكونات أجهزة التنفس الصناعي، وتحليل البيانات، ونمذجة انتشار المرض. كما عملنا مع وزارة النقل والاتصالات، ودعمنا بشكل مباشر قطاع تكنولوجيا المعلومات في البلاد في المسائل المتعلقة بالفيروس وغيرها من القضايا الأخرى ذات الصلة.

باختصار، لقد أبلينا بلاءً حسنًا عبر الحفاظ على التسيير المعتاد لأعمال الجامعة والكلية، والمساهمة في جهود مكافحة هذه الجائحة بدولة قطر خلال هذا الوقت العصيب، مع التحلي بالمرونة في الوقت نفسه قدر الإمكان. ومع أننا مازلنا نأمل في انتهاء الجائحة، إلا أنها عززت من قوتنا وجعلتنا أكثر مرونة. وسيكون معظم ما تعلمناه صالحًا للاستخدام بنفس القدر في المستقبل."

الدكتور إدوارد ستونكيل، عميد كلية العلوم الصحية والحيوية بجامعة حمد بن خليفة

مع دخول قطر في المرحلة الرابعة من العودة إلى أنماط الحياة الطبيعية التي كانت سائدة قبل انتشار جائحة كوفيد-19، يبدو أن هذا الأمر يستدعي التفكير لاستقاء الدروس المستفادة. وربما يكون الدرس الأول من هذه الجائحة هو أن رفاهيتنا معرضة تمامًا للخطر بفعل العالم البيولوجي. ولا يتعلق ذلك فقط بالخوف من الإصابة بمرض خلال قيامنا بأنشطة الحياة الطبيعية؛ بل يمتد التأثير إلى ما هو أبعد من أفراد المجتمع. وكثيرًا ما يقلل البعض من مخاطر تغير المناخ بدعوى أن آثارها ليست وشيكة، في حين أن فيروس كوفيد-19 لا يزال يشكل تهديدًا مباشرًا.

وقد تعلمنا من هذه الجائحة أيضًا القيمة الحقيقية للعلم والمتخصصين في مجال الرعاية الصحية؛ فقد حالت الإجراءات المهمة التي اتخذوها دون وقوع الآثار الصحية البالغة التي كانت لتحدث لولا تدخلهم وقيامهم بدورهم الحيوي. ويتصرف ممارسو الرعاية الصحية وعلماء الطب الحيوي بإيثار تجاه العالم، ويطورون استراتيجيات لإجراء الفحوصات، ويقدمون خدمات الاستشفاء والرعاية الصحية الأولية، والأهم من ذلك هو أنهم يدفعون عملية الاكتشاف السريع للقاح فعال للتحصين ضد الفيروس. وتمتد الإجراءات التعاونية إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تنفذ الحكومات والقطاع الخاص المهام المجتمعية والتشغيلية لحماية السكان والمصالح التجارية والاقتصاد. وقد حققت الشراكات التي رأيناها النجاح المرجو، ونحن في طريقنا إلى بلوغ النجاح الكامل في مكافحة الفيروس.

وعلاوة على ذلك، حفز فيروس كوفيد -19 على إعادة التفكير في قضايا المجتمع، بما في ذلك التعليم، والأعمال، وأهمية الأسرة والأصدقاء، وضرورة إيلاء الاهتمام بصحة الفرد. وقد عرف الجميع أن وجودنا يعتمد على القدرة على التكيف. وقد ازدهرت بعض المجتمعات في ظل ارتفاع وتيرة الحلول المبتكرة، ورغم أن الطلاب لا يتعلمون فقط عبر الإنترنت، باتت هناك الآن إمكانية أكبر لنقل المعرفة إلى الأطفال المحرومين عن بعد.

ونحن ندخل مرحلة جديدة مشرقة ورقمية بامتياز، تشهد خدمات الرعاية الصحية تطورًا سريعًا بدخولها إلى العالم الرقمي، حيث بات الأطباء قادرين على التفاعل مع المرضى وتقييم وتشخيص حالاتهم عبر الإنترنت. وبالمثل، عززت الجائحة من التقدم الدولي، حيث باتت تبشر بمستقبل أكثر تفاعلية وإنتاجية، بعدما أدركت الدول والشعوب قيمة تبادل المعلومات في التصدي للمشكلات العالمية التي تؤثر على جميع البشر.