آخر المستجدات لعلاج داء السكري من النوع الأول: إدارة الغذاء والدواء الأمريكية توافق على علاج يعتمد علي نقل خلايا البنكرياس (لانتيدرا)

آخر المستجدات لعلاج داء السكري من النوع الأول: إدارة الغذاء والدواء الأمريكية توافق على علاج يعتمد علي نقل خلايا البنكرياس (لانتيدرا)

24 يوليو 2023

بقلم: الدكتور عصام عبدالعليم

Treating Diabetes

أشرقت شمس يوم 28 يونيو 2023، وهي تحمل أملًا جديدًا لمرضى السكري من النوع الأول، ففي هذا اليوم، منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) موافقتها على العلاج المبتكر باستخدام خلايا البنكرياس والذي يُسمى ( لانتيدرا )، كخيار علاجي لمرضى السكري من النوع الأول، ويُستخدم هذا العلاج خلايا البنكرياس من المتبرعين المتوفيين لتحل محل الخلايا المنتجة للأنسولين التي يدمرها الجهاز المناعي في مرضى السكري من النوع الأول. ففي السابق، كان من الممكن استخلاص الخلايا الجزرية من بنكرياس المتبرعين المتوفين وحقنها في المرضى، ومع ذلك كانت متاحة فقط كعلاج تجريبي في بعض الدول، ومع موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على العلاج الخلوي ( لانتيدرا ) فقد أصبح هذا العلاج حاليًا خيارا معترفًا به ومعتمدًا، وهدفه الأساسي هو مساعدة المرضى لتخفيف العبء المستمر للتحكم في دجة انخفاض وارتفاع معدلات السكر لديهم، من خلال مراقبة مستويات السكر في الدم، واستعادة إنتاج الأنسولين، وانتظام الانتاج المستمر للأنسولين.

كيف يعمل العلاج الخلوي (Lantidra)؟

يتضمن علاج ( لانتيدرا ) استخدام خلايا البنكرياس من أشخاص متوفيين و التي تم التبرع بها، ليتم حقنها في الوريد الرئيسي للكبد (الوريد البابي) مرة واحدة، ولضمان استقرار الخلايا المزروعة، فإن ذلك يستلزم منح المريض الأدوية المثبطة للمناعة، وبمجرد دخول الكبد، تبدأ هذه الخلايا التي تم زرعها في إفراز الأنسولين، وحسب استجابة المريض، يُمكن إعطاء جرعة إضافية، وإذا كانت الخلايا المزروعة تولد كمية كافية من الأنسولين، فيمكنها تنظيم مستويات الجلوكوز أو السكر في الدم بشكل فعال، دون الحاجة إلى حُقن الأنسولين الإضافية.

من هو المؤهل للعلاج؟

تقتصر الموافقة على استخدام علاج (لانتيدرا) على الأشخاص البالغين المصابين بداء السكري من النوع الأول، والذين - رغم المراقبة والتجريب المكثف للعلاج - يعانون من نوبات متكررة من النقص الشديد للسكر في الدم (انخفاض نسبة السكر في الدم) وغير قادرين على تحقيق المعدلات المستهدفة لمستوى السكر في الدم، وتعتبر هذه الحالة نادرة للغاية، حيث تؤثر على ثلاثة أفراد من كل 1000 شخص مصاب بداء السكري من النوع الأول.

ويُعد داء السكري من النوع الأول، اضطراب مناعي ذاتي مزمن، حيث يُهاجم الجهاز المناعي، عن طريق الخطأ، الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، الذي يُعتبر ضروري للتحكم في مستويات السكر التي يتم ضخها في الدم، والذي ينقلها بدوره إلى الخلايا للحصول على الطاقة اللازمة للجسم، حيث ينبغي على المصابين بداء السكري من النوع الأول مراقبة مستويات السكر في الدم بجد وأخذ جرعات الأنسولين حسب الحاجة للحفاظ على نطاق آمن لسكر الدم. ومع ذلك، يواجه بعض الأفراد تحديات لعل أهمها عدم الوعي بنقص السكر في الدم، وهي حالة تتميز بعدم القدرة على اكتشاف انخفاض مستويات السكر في الدم، إذ يُمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى نقص السكر الحاد في الدم، وصعوبة تحقيق المستويات الطبيعية للسكر في الدم.

الفعالية والأعراض الجانبية

اعتمدت الموافقة على علاج (لانتيدرا) إلى بيانات من تجربتين سريريتين ضمت حوالي 30 مشاركًا يعانون من مرض السكري من النوع الأول، الذين يعانون من نوبات متكررة من نقص حاد في نسبة السكر في الدم، وقد أظهرت النتائج أن نسبة كبيرة من المشاركين استمروا فترات طويلة دون الحاجة إلى الأنسولين، وذلك بعد حصولهم على العلاج الجديد، ولم يحتاج 70٪ من المشاركين إلى الأنسولين لمدة عام واحد على الأقل، و40٪ لم يحتاجوا إلى الأنسولين لمدة 1-5 سنوات، و30٪ لم يحتاجوا إلى الأنسولين لأكثر من 5 سنوات. ومع ذلك، فقد أعرب الخبراء عن مخاوفهم بشأن صغر عدد المشاركين في التجارب، والمخاطر الكبرى المرتبطة بالتثبيط الدائم لجهاز المناعة، بالإضافة إلى ذلك، فقد كان هناك نقاش حول العدد المحتمل للمرضى الذين سيستفيدون من هذا العلاج بالنظر إلى التقدم في تقنيات التوصيل الآلي للأنسولين.

ورغم النتائج الواعدة لعلاج (لانتيدرا)، إلا أنه كانت هناك بعض الأعراض الجانبية الملحوظة المرتبطة بالعلاج، حيث تضمنت الأعراض التي تم الإبلاغ عنها بشكل شائع، الغثيان والتعب وفقر الدم والإسهال وآلام البطن، علاوة على ذلك، فقد عانى مُعظم المشاركين من مضاعفات جانبية، واحدة على الأقل تتعلق بتثبيط جهاز المناعة، وفي بعض الحالات، تم التوقف عن أدوية تثبيط المناعة بعد ظهور أعراض سلبية شديدة، مما أدى إلى فقدان الخلايا المزروعة وبالتالي العودة إلى العلاج بالأنسولين الخارجي، لذا ينبغي أن تُؤخذ هذه الأعراض في الاعتبار عند تقييم المزايا والعيوب المحتملة لعلاج (لانتيدرا) لمرضى السكري.

تقدم واعد في العلاج بالخلايا الجذعية

تميز مجال العلاج بالخلايا الجذعية لداء السكري من النوع الأول بتطورات ملحوظة، حيث قدم حلولًا واعدة لمواجهة هذا المرض المزمن، وبالإضافة إلى برنامج نقل خلايا ( لانتيدرا ) لعلاج لهذا الداء، فإن هناك اهتمام متزايد بتطوير خيارات العلاج بالخلايا المتجانسة والقابلة للتطوير لمرض السكري من النوع الأول باستخدام الخلايا الجذعية. وقد أظهر علاج VX-880 من شركة Vertex Pharmaceuticals ، وهو علاج بالخلايا المشتقة من الخلايا الجذعية ، نتائج واعدة في التجارب المبكرة، مع تحسينات ملحوظة في التحكم بنسبة السكر في الدم وتقليل محتمل في الحاجة إلى حقن الأنسولين أو مضخات التحكم به، وفي الوقت الذي يتطلب فيه VX-880 أدوية مثبطة للمناعة، فإنه يوفر خيار علاج متجانس وقابل للتطوير، كما يخضع علاج آخر ، يُسمى VX-264 ، حاليًا لتجارب المرحلة الأولى والثانية، ويتميز بخصائصه الفريدة المتمثلة في عدم الحاجة إلى علاج مثبط للمناعة، فمن خلال تغليف الخلايا المزروعة والمشتقة من الخلايا الجذعية ، فإن VX-264 يوفر الحماية ضد الجهاز المناعي.

كما أن الاستحواذ الأخير الذي قامت به Eli Lilly (شركة أدوية أمريكية) على شركة Sigilon Therapeutics المتخصصة في العلاجات الخلوية المستندة إلى التكنولوجيا، وأهمها علاجها SIG-002 الذي يستخدم الخلايا المشتقة من الخلايا الجذعية المستحثة (iPSC)، يمثل قفزة كبيرة نحو العلاجات المستقبلية، ورغم أنها لا تزال في مرحلة ما قبل السريرية ، إلا أن هذا التطور يدفع نحو تفاؤل كبير في علاج مرض السكري من النوع الأول.

كتب هذا المقال الدكتور عصام عبد العليم، عالِم أول بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، وأستاذ مشارك في كلية العلوم الصحية والحيوية.