أول مؤتمر دولي في التعليم المقارن | جامعة حمد بن خليفة
Hamad Bin Khalifa University

أول مؤتمر دولي في التعليم المقارن

الإمام الغزالي والتعليم: تطبيقات عملية معاصرة من إرث علمي خالد


لمحة عن المؤتمر 

لقد تصدَّر المسلمون عملية إنشاء مؤسسات تعليمية عظيمة، وتطوير مناهج ونظام شهادات خاص بهم، بتمويلٍ من أوقافه. ولعل السبب في حرصهم على ذلك هو إلزام المسلمين من قبل سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتحصيل العلم، واعتباره نشاطًا دينيًا مطلوبًا من المهد إلى اللحد، وهو السبب الذي يُعزى إليه تطور الإسلام إلى حضارة عالمية. علينا أن نسأل، ما الذي يمكن للبشرية أن تتعلمه من هذا الإرث التعليمي العظيم، الممتد على قرون عديدة ومساحة جغرافية واسعة، لتحسين أنظمة التعليم الحالية؟ وكيف يمكننا أن نضعها في حوارٍ يوازنها ويدمجها مع النماذج التعليمية الحالية من خلال منظور شمولي ومتعدد؟ يدرس هذا المؤتمر وجهات نظر مقارَنة حول التعليم، وجهات النظر المقارَنة حول التعليم، من خلال الكشف عن الإطار الشامل والمتعدد الزوايا لعلماء التعليم والتربية لدى المسلمين، ووضعه في حوار بنّاء مع المقاربات المعاصرة. يهدف المؤتمر إلى استضافة علماء وممارسي المجال لتطوير نموذجٍ تعليمي معاصر يتناول التحديات التربوية الحالية، ويستمد من تقاليد التربية الإسلامية وأفضل ممارساتها التعليمية، وذلك سعيًا لإنتاج تطبيقاتٍ عملية تُثري التعليم.

وتحقيقًا لهذه الغاية، سيقوم المؤتمر بتحليل أعمال كبار العلماء المسلمين الذين قدموا إسهاماتٍ عظيمة في مجال التعليم. ولعلَّ اختيار الإمام الغزالي للمؤتمر الأول هو الأنسب لما له من إرثٍ فكريٍ وتعليميٍ ضخم في الحضارة الإسلامية. إن تطبيق فكر الإمام الغزالي في التعليم في العصر الحالي يقودنا إلى السؤال: كيف يمكن الاستفادة من أفكاره لتطوير نموذجٍ تعليميٍ بديل؟ لقد كُتب الكثير عن حياة الغزالي، وعمله، وفلسفته، لكنَّ هذا المؤتمر يهدف إلى التركيز بشكلٍ كامل على أفكار الغزالي في مجال التعليم.

للأسف، تهيمن الأيديولوجيات الإنسانية الوضعية والعلمانية، والمتّسمة بالمادية والفردية، على خطاب التعليم العالمي والإسلامي. وفي ضوء ذلك، نودُّ أن ندعو الأساتذة والعلماء إلى إعادة النظر في أعمال الغزالي، مع وضع الأسئلة التالية في الاعتبار: كيف يمكن أن يساعدنا نهج الإمام الغزالي في مواجهة بعض التحديات التي يواجهها التعليم الحديث وما بعد الحديث حاليًا؟ وكيف يمكن أن يساعدنا في تطوير نموذج تعليمي بديل يعكس الروحَ الإسلامية والنظرة العالمية الشاملة والمتعددة؟ وماذا يمكن أن تقدِّمه لنا أعمال الإمام الغزالي من أساليب تُطبَّق في المدارس التمهيدية، والابتدائية، والثانوية، والكليات والجامعات؟

لا يركِّز المؤتمر إذن على الإرث التاريخي للإمام الغزالي، وإنما يبحث في كيف يمكن لهذا الإرث أن يُحدث تغييرًا في وضع التعليم اليوم. ولذلك، فإن السؤال الرئيسي الذي يسعى هذا المؤتمر أن يجيب عليه هو:

كيف يمكن أن يساعدنا نهج الإمام الغزالي في معالجة القضايا والتحديات المعاصرة التي تواجه الإنسانية والعالم الإسلامي في مجال التعليم حاليًا؟  


الكلمة الترحيبية لعميد الكلّية

يشرفني أنا عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة استضافة مؤتمر "الإمام الغزالي والتعليم: تطبيقات عملية معاصرة من إرث علمي خالد"، والذي يُمثِّل الفاتحة لسلسلة من الندوات حول التعليم المقارَن، تهدف إجمالًا إلى الجمع بين النماذج التعليمية القديمة والمعاصرة لتسليط الضوء على القضايا التعليمية الحالية.

وقد ارتأينا أن يكون تركيزنا في هذا العام على رائد التعليم والتربية الإسلامية، ألا وهو الإمام أبو حامد الغزالي. لم يقتصر عمل الغزالي على الفلسفة التعليمية، أو تأسيس الأنظمة والمؤسسات، أو تأليف العديد من الكتب فحسب، بل كان مؤسسًا لنظام "المدرسة النظامية" خلال الفترة السلجوقية. ولوعينا على ذلك، يهدف هذا المؤتمر إلى إعادة النظر في أعماله الغنيّة لتساعدنا في تطوير التطبيقات الإسلامية المعاصرة في التعليم. هذا وبعد مرور ألف عام على وفاته، تبقى الضرورة قائمة لإعادة النظر في إرثه الخالد، وإحيائه، وتصور مستقبلنا ونحن نقف على أكتاف كبار علماء المسلمين.

إنه لمن دواعي سروري أن أرى التقدم الكبير الذي نحققه نحو التجديد المؤصل في مجال التعليم والتربية الإسلامية. وتزداد أهمية الأمر في وقتنا الحالي نظرًا للتحديات العديدة التي يواجهها التعليم في جميع أنحاء العالم. وأنا على أمل أن تساهم جهودنا في حل مشاكل التعليم، على المستوى المحلي والعالمي.