المتحدث: الدكتورة داليا سعيد مصطفى، أستاذ زائر، محاضِر في اللغة العربية والأدب المقارن، جامعة مانشستر
يمكن القول إن انتشار وباءٍ ما يُعدّ من بين أصعب الموضوعات التي يتم إنتاجها في السينما. والسينما العربية ليست استثناءً من ذلك، فقلّما قامت بمعالجة هذا الموضوع. غير أن المعاناة والمشاق التي نكابدها جميعنا في ظلّ جائحة كوفيد-19، تعيدنا إلى القصص السينمائية التي تعرضت لقضية الأوبئة، لعلّها تتيح نظرةً متعمقة لواقع البشر وفظاعة المرض وصراع المصالح الذي تفرزه الأوقات الصعبة، في مقابل صمود الناس وشجاعتهم وإحساسهم الجماعي بالأمل.
في هذه الندوة الإلكترونية سأستعرض فيلمين اثنين لمخرجين مصريين مشهورين، وهما ’صراع الأبطال‘ لتوفيق صالح (1962) و’اليوم السادس‘ ليوسف شاهين (1986)، في محاولةٍ لمناقشة السياقين السياسي والاجتماعي السائدين آنذاك. فقد ارتبط انتشار وباء الكوليرا في مصر سنة 1947 ارتباطًا مباشرًا بتواجد قوات الاستعمار البريطاني التي أدخلت البلاد في معمعة الحرب العالمية الثانية، واستتبع ذلك نقل الجنود من بلدٍ إلى آخر، فضلاً عن الفقر المدقع الذي أصاب شريحةً كبيرة من شعب مصر، وحال دون وجود موارد كافية تكفل لهم الحصول على الرعاية الطبية. فقد كشفت المراجع التاريخية أن انتشار الكوليرا في تلك السنة كان المرة العاشرة التي يصل فيها الوباء إلى أرض مصر بعد موجته الأولى سنة 1831. كما أنني سأسلّط الضوء أيضا على رواية ’اليوم السادس‘ (التي نُشرت عام 1960) للكاتبة المصرية الفرنسية أندريه شديد، في محاولةٍ لسبر طبيعة العلاقة المواضيعية بين ذلك النص الأدبي والمنحى الذي كيّفه إليه شاهين في فيلمه. فالرواية تقصّ علينا حكايةً مؤثرة لمدينة القاهرة وسكانها أيامَ الكوليرا وتبعث رسالةَ أمل وإيمان بصمود البشر في أحلك الظروف.
يمكن مشاهدة فيلم توفيق صالح بنسخته العربية على موقع يوتيوب، على الرابط التالي: www.youtube.com
يروي الفيلم قصةَ قرية مصرية في ثلاثينات القرن العشرين ينتشر فيها وباءٌ جديد يعجز طبيب القرية عن تحديد ماهيّته. بالطبع لا يصبّ الكشف عن الوباء في المنفعة الاقتصادية لإقطاعيّ القرية، الذي يستغل الفلاحين وتربطه مصالح مشتركة مع المستعمر البريطاني. ولكن الوباء يهزّ حياةَ القرويين، فتتحد قوى المستعمر لإخماد الأمر، وتشرع في حياكة المؤامرات ضدّ الطبيب والقرويين معًا.
أما فيلم يوسف شاهين فيمكن مشاهدته في أجزاء بنسخته العربية على موقع يوتيوب، مع ترجمة باللغتين الإنجليزية والفرنسية، على الرابط التالي: www.youtube.com
الفيلم مقتبس من روايةٍ لأندريه شديد تحكي قصة سيدة عجوز اسمها صدّيقة (وتلقّب بأم حسن) تعيش في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة في القاهرة بصحبةَ زوجها العاجز وحفيدها اليافع إبّان الاستعمار البريطاني لمصر في أربعينات القرن العشرين. تجد صدّيقة نفسها في معركةٍ ضد الموت عندما يصاب حفيدها حسن بالكوليرا. تصوّر الراوية والفيلم صبرها وكفاحها لإنقاذ حسن بالرغم من كل الصعاب التي تعترضها في حيّها الفقير، ونقص المياه والطعام والدواء الذي تحتاجه لشفاء حسن.
|
|
 |
 |
تسجيل دخول بنر