أهمية التشخيص المبكر لاضطراب التوحد والتوعية به

أهمية التشخيص المبكر لاضطراب التوحد والتوعية به

27 أبريل 2021

أهمية التشخيص المبكر لاضطراب التوحد والتوعية به

أبريل هو شهر التوعية بالتوحد. وتخبرنا الدكتورة عبير الشمري والدكتورة سارة عبد الله، وهما زميلتا أبحاث في مركز بحوث الاضطرابات العصبية التابع لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي بجامعة حمد بن خليفة، عما يجب أن نعرفه عن اضطراب طيف التوحد، وعن أبحاث المركز التي تهدف إلى تحسين التشخيص المبكر لهذا الاضطراب والتدخل المبكر لعلاجه.

1. ما هي خصائص اضطراب طيف التوحد؟

يتميز التوحد بوجود صعوبة في التفاعلات الاجتماعية، وتحديات التواصل، والسلوكيات المقيدة والمتكررة. ويكون لدى كثير من المصابين بالتوحد حساسية مفرطة للمحفزات الحسية مثل الأصوات والأضواء والروائح واللمس. وتوجد العديد من الحالات الطبية التي تتصاحب بشكلٍ شائع مع اضطراب التوحد، بما في ذلك الإعاقة الذهنية والقلق والصرع ومشاكل الجهاز الهضمي واضطرابات النوم. 

2. في أي سن يمكننا ملاحظة مظاهره؟

يُفهم التوحد على أنه اضطراب في النمو المبكر للدماغ، مع علامات وخصائص سلوكية تظهر عادةً بين عمر ١٨ شهراً وثلاث سنوات. وعادةً ما تتضمن العلامات المبكرة للإصابة بهذا الاضطراب عدم حدوث سلوكيات نموذجية بدلاً من حدوث سلوكيات غير نمطية. ويتمتع الوالدان بوضع أفضل يمكنهم من اكتشاف علامات التحذير المبكرة ويجب عليهم مراقبة النمو الاجتماعي والعاطفي والمعرفي والكلامي لأطفالهم مع مراعاة أن الأطفال يتطورون بسرعات مختلفة. ومع ذلك، من المهم مشاركة مخاوفك مع طبيبك إذا شعرت بأن طفلك لا يحقق المعالم القياسية للنمو.

3. كيف يُشخَّص اضطراب طيف التوحد؟

ليس هناك فحص طبي لتشخيص اضطراب طيف التوحد، ولكن أخصائي الرعاية الصحية المؤهل، أي طبيب الأطفال في مجال النمو أو الطبيب النفسي للأطفال أو الأخصائي النفسي السريري والمتخصص، سوف يستخدم أدوات فحص معتمدة ويعتمد على تاريخ نمو الطفل ومراقبة سلوكه لإجراء التشخيص. ويمكن اكتشاف هذا الاضطراب في عمر مبكر مع وصول الطفل إلى سن 18 شهرًا، ولكن لا يمكن التوصل إلى تشخيص نهائي مؤكد حتى سن عامين أو أكثر.

4. هل تكون الأعراض موحدة بالنسبة لجميع الأفراد؟

يختلف اضطراب طيف التوحد بشكلٍ كبير في الأعراض ومستويات الشدة وكذلك في الاعتلالات المصاحبة للاضطراب، ولهذا السبب يعرف باسم "اضطراب طيف التوحد". ويمكن أن يجعل هذا الأمر التشخيص صعبًا في بعض الأحيان. وكما تقول العبارة الشهيرة: "إذا كنت تعرف شخصًا مصابًا بالتوحد، فأنت تعرف شخصًا مصابًا بالتوحد". ويعاني بعض الأطفال المصابين بالتوحد من اعتلالات خفيفة فقط بينما يواجه البعض الآخر عقبات أكثر صعوبة في التغلب عليها. ومع ذلك، يعاني كل طفل مصاب باضطراب طيف التوحد، بدرجةٍ معينةٍ، من تحديات في المجالات التالية: صعوبات في التواصل الاجتماعي (اللفظي وغير اللفظي)، ومظاهر عجز في التفاعلات الاجتماعية، وأنماط مقيدة ومتكررة للسلوك، والاهتمام أو الأنشطة، والمشاكل الحسية.

5. ما هي الأسباب المحتملة؟

رغم أن السبب الدقيق لحدوث التوحد لا يزال غير واضح، تشير الأبحاث إلى أن العوامل الوراثية والبيئية من المحتمل أن تؤدي دورًا في حدوث هذا الاضطراب. وقد ربطت بعض الأبحاث بين التغيرات التي تحدث في بعض الجينات وبين التوحد، وحتى الآن، تم التعرف على مئات الجينات، مما يزيد من تعقيد آليات المساهمة الجينية في حدوث التوحد. وتشمل العوامل البيئية المرتبطة بالتوحد تقدم الوالدين في السن، والالتهابات التي تصيب الأمهات أثناء الحمل، ومضاعفات الولادة (مثل الأطفال المبتسرين للغاية، والوزن المنخفض جدًا للطفل عند الولادة). ومن غير المرجح أن تتسبب هذه العوامل وحدها في حدوث التوحد؛ ومع ذلك، من المرجح أن تزيد العوامل الوراثية والبيئية مجتمعة والتفاعلات التي تحدث بينهما من مخاطر الإصابة بهذا الاضطراب.

6. هل هناك طرق لعلاج هذا الاضطراب، وما الذي يعمل عليه باحثو معهد قطر لبحوث الطب الحيوي؟

لا يوجد حاليًا علاج لاضطراب التوحد. كما أن العلاج الموحد للجميع ليس مناسبًا أيضًا، لأن العديد من المصابين بالتوحد يعانون من حالات طبية مصاحبة إضافية، ويجب أن تكون خطط العلاج فردية لتلبية الاحتياجات الخاصة. ويعتبر التدخل المبكر وبرامج الدعم، مثل علاج التخاطب والعلاج السلوكي والوظيفي، من الاستراتيجيات الفعالة للعلاج. ويمكن أن تساعد هذه البرامج في الحد من الأعراض، وتحسين القدرة المعرفية، ومهارات الحياة اليومية، والتي يمكن أن تساعد الطفل على أن يكون أكثر استقلالية واندماجًا بشكل أفضل في المجتمع الأوسع.

ولسوء الحظ، لا توجد فحوصات مختبرية لتحديد ما إذا كان الطفل سيُصاب أم أنه مصاب باضطراب طيف التوحد، وهذا من مجالات البحوث التي نجريها في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي. وهناك مشروع تعاوني جديد نقوم به في المعهد للاستفادة من تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لإنشاء أداة تشخيصية موضوعية للكشف المبكر عن اضطراب طيف التوحد والتشخيص المبكر له. ويجري مركز بحوث الاضطرابات العصبية التابع للمعهد أبحاثًا في مجالات مختلفة لاضطراب التوحد، بما في ذلك علم الأوبئة والتنميط الظاهري، ونمذجة اضطراب طيف التوحد باستخدام الخلايا الجذعية للمصابين، واكتشاف المؤشرات الحيوية للتوحد، والعوامل الوراثية والمناعية للإصابة بالتوحد. ويتعاون معهد قطر لبحوث الطب الحيوي في العديد من مشاريعه محليًا ودوليًا مع كيانات مثل مركز الشفلح، ومؤسسة حمد الطبية، ومؤسسة كليفلاند كلينك، ومؤسسة أرجوس كوجنيتيف.

7. هل يستمر اضطراب طيف التوحد مدى الحياة؟

نعم، على الرغم من أن الأعراض المختلفة يمكن أن تتحسن أو تقل بمرور الوقت. ويعتبر التشخيص المبكر والتدخلات السلوكية من الأمور الضرورية لتعزيز التحسينات الملحوظة لدى الأفراد المصابين بالتوحد، وذلك بالاستفادة الكاملة من المرونة العصبية الكبيرة لدماغ الصغار. ويؤدي هذا إلى تحقيق "النتيجة المثلى"، وهو مصطلح شائع الاستخدام للأعراض التي تقل أو حتى تختفي لاحقًا في الحياة نتيجة للتدخل المناسب.

8. كيف سيكون مستقبل طفلي؟

يندمج العديد من الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد بنجاح وسعادة في المجتمع، ولكل منهم مجموعة من القدرات والمهارات والاهتمامات. وعبر تحديد كفاءاتهم، يمكن للمرء أن يقترح خيارات وظيفية مناسبة لهم. ويكون البعض منهم موجهةً بصريًا مع الاهتمام الشديد بالتفاصيل، وهو ما يمنحهم ميزة في التكنولوجيا والأنظمة والبرمجة. ويكون البعض الآخر استثنائيون في معرفتهم بالحقائق، حيث يُعرفون بتعاملهم مع المواقف بشكل أكثر منطقيةً، وبالتالي يكونون أكثر موضوعيةً في عملية اتخاذ القرار. كما يظهرون اهتمامًا بالبحث واكتساب المعرفة، لا سيما في الموضوعات التي تهمهم. وبالتالي، يميل الأفراد المصابون بالتوحد إلى الأداء بشكلٍ جيد في مجالات العلوم والهندسة، والبحوث، والمحاسبة، وتكنولوجيا المعلومات، والتصنيع، والصحافة، والفنون والتصميم، والمهن المتعلقة بالحيوانات.

وتعتمد نوعية حياتهم على التأسيس المقدَّم منذ الطفولة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تصبح بعض الأعراض أقل وضوحًا مع تقدم الطفل في السن. وهناك العديد من مجموعات الدعم والمدارس المخصصة لتوجيه العائلات في التخطيط للانتقال الناجح لأبنائهم من مرحلة المراهقة إلى مرحلة البلوغ وتحقيق أعلى مستوى من الاستقلال لديهم. وتكمن الفكرة في تشجيع وتعزيز الانتقال والاستقلالية في وقت مبكر من المدرسة الثانوية، وذلك بدعم الابن للحصول على الأدوات والمهارات اللازمة لتحديد وتطوير نقاط قوته واهتماماته وأهدافه.

9. ما هو الفرق بين الطفل المصاب بالتوحد والطفل الذي يعاني من فرط النشاط أو قصور الانتباه؟

اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو المصطلح الطبي للأطفال الذين يُنظر إليهم على أنهم نشيطون للغاية ويظهرون مدى انتباه قصير. وتشمل خصائص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه انتهاك المساحة الشخصية للفرد، وعدم القدرة على قراءة الإشارات الاجتماعية، وصعوبة الانتباه إلى الأشخاص، والحركة المستمرة، وحالات الانهيار. ونظرًا لأن هذه السلوكيات تظهر أيضًا في اضطراب طيف التوحد، فقد يكون من الصعب التمييز بين الاثنين، خاصة لدى الأطفال الأصغر سنًا. ويمكن أن تحدث الحالتان معًا لدى نفس الفرد. ومع ذلك، هناك اختلافات رئيسية بينهما، وهما حالتان مختلفتان.

10. أين يمكنني أن أجد المساعدة والدعم؟

تقدم المراكز والمدارس المحلية المتخصصة برامج تدريبية للأطفال المصابين بالتوحد بناءً على احتياجاتهم، وتنظم ورش عمل ودورات منتظمة لعائلاتهم. وتعتبر جمعيات التوحد من الأماكن التي يمكن أن تتعلم فيه العائلات من بعضها البعض. ويجب على العائلات أيضًا محاولة استخدام شبكة الدعم الخاصة بهم لتثقيف الآخرين باضطراب التوحد، وكيف يؤثر على السلوك وأفضل طريقة للتواصل مع الطفل وما إلى ذلك. ويمكن أن يساهم نشر الوعي في توفير بيئة الدعم اللازمة للطفل المصاب بالتوحد.