البحوث في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
اكتشاف وتطوير استراتيجيات للتشخيص المبكر والعلاج للاضطرابات العصبية، وخاصة اضطراب التوحد، في قطر وعلى المستوى الدولي.
تطبيق نتائج الأبحاث في صياغة استراتيجيات للوقاية والتشخيص والعلاج من مرض السكري والاضطرابات المرتبطة به في قطر وخارجها.
تطوير وسائل تشخيص واستراتيجيات علاجية لتحسين رعاية مرضى السرطان، مع تركيز خاص على سرطان الثدي في قطر والمنطقة.
الأخبار والرؤى
عندما تلتقي الخوارزميات بعلم الأورام: الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في علاج سرطان الثدي
لا يزال يمثل سرطان الثدي تحديًا صحيًا كبيرًا للنساء، حيث إنه أكثر أنواع السرطان شيوعًا وأكثرها تسببًا للوفاة في جميع أنحاء العالم. وفي قطر، يمثل هذا المرض أعلى معدل انتشار بين السكان بشكل عام، حيث يمثل 38.8٪ من الحالات لدى النساء في عام 2022. كما أنه رابع سبب رئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان في قطر. وعلى الرغم من التقدم الكبير في العلاج وإدخال أدوية جديدة مثل العلاج المناعي والعلاج الموجه، لا يستجيب جميع المرضى بشكل كامل أو على المدى الطويل.
وترتبط الفروقات في استجابة المرضى للعلاج بعوامل وراثية، وبيولوجية، وبيئية معقدة تختلف من شخص لآخر.
وهذا يؤكد الحاجة الملحة إلى أدوات تشخيصية جديدة تجمع بين مختلف البيانات البيولوجية لفهم أفضل لأسباب اختلاف سلوك الأورام، من أجل تحديد العلامات التي تساعد في التنبؤ باستجابة المريض للعلاج. وتعد هذه الأساليب ضرورية لتطوير استراتيجيات العلاج الشخصية وتحسين النتائج السريرية في حالات سرطان الثدي.
دمج الذكاء الاصطناعي في رعاية سرطان الثدي
يساهم التقدم الذي تشهده مجالات الذكاء الاصطناعي في تغيير مشهد تشخيص سرطان الثدي وعلاجه، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية بسرعة، مما يساعد الأطباء على اكتشاف الأمراض في مرحلة مبكرة، واختيار علاجات أفضل، وتحسين رعاية المرضى. وحتى الآن، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على عدد من الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي لتشخيص السرطان واتخاذ القرارات الأنسب لعلاجه.
ويؤدي فحص سرطان الثدي والكشف المبكر عنه إلى تحسين نتائج العلاج ومعدلات الشفاء بشكل كبير. وتظهر الدراسات الحديثة أن إضافة الذكاء الاصطناعي إلى طرق الفحص التقليدية مثل التصوير الشعاعي للثدي، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والموجات فوق الصوتية يساعد في الكشف عن السرطان مبكرًا وبشكل أكثر دقة.
وفي عام 2025، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على أداة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهي (Clairity Breast)، المصممة لتحليل صور الماموغرام وتحديد الأنماط الدقيقة التي قد لا تكون مرئية للعين البشرية. حيث يوفر هذا النظام لأطباء الأشعة درجة مخاطر تنبؤية مدتها خمس سنوات تم التحقق من صحتها من خلال فحوصات الماموغرام، مما يدعم الكشف المبكر. وتهدف (Clairity Breast) إلى تقليل إجراءات تشخيص السرطان في المراحل المتأخرة، وخفض تكاليف الرعاية الصحية، وفي النهاية تحسين معدل بقاء المرضى على قيد الحياة من خلال تعزيز تصنيف المخاطر في مرحلة مبكرة.
ومؤخرًا، حصلت أداة كشف قائمة على الذكاء الاصطناعي (ProFound Detection Version 4.0)، على اعتماد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وقد أظهرت هذه الأداة تحسينات كبيرة في الكشف عن السرطان، لا سيما في الأنسجة الكثيفة للثدي (إحدى أكبر التحديات في تصوير الثدي)، وساهمت في خفض النتائج الإيجابية الكاذبة، مما حسّن الدقة والكفاءة السريرية. كما أثبتت عدة دراسات أن القراءة المزدوجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تتمتع بمعدل أعلى في الكشف عن سرطان الثدي مع الحفاظ على الخصوصية مقارنة بالقراءة المزدوجة التقليدية التي يجريها أخصائي الأشعة، فضلًا عن دورها في تخفيف عبء قراءة الفحوص؛ وعليه، فإنه يمكن للأدوات المعزّزة بالذكاء الاصطناعي تحسين أداء أخصائي الأشعة فيما يتعلق بتمييز الأورام الحميدة والخبيثة في صور الموجات فوق الصوتية والرنين المغناطيسي للثدي؛ وبذلك فإن هذه الأنظمة قد تقلل من معدلات الخزعات غير الضرورية مع الحفاظ على معدل منخفض للنتائج السلبية الخاطئة.
تصنيفات المرضى والطب الشخصي
يساعد الذكاء الاصطناعي الأطباء على تخصيص علاج سرطان الثدي من خلال دمج المعلومات الجينية الخاصة بكل مريضة وتفاصيل صحتها وتاريخها المرضي للتنبؤ باستجابته لأنواع مختلفة من العلاجات. ومؤخرًا، تمكنت نماذج التعلّم العميق من التنبؤ بالاستجابة المرضية الكاملة (pCR)، للعلاج المبدئي قبل الجراحة (حيث يتم تقليص حجم الورم باستخدام عدة طرق قبل التدخّل الجراحي) لدى مريضات سرطان الثدي الثلاثي السلبي (TNBC)، وفقًا لمعطيات التصوير بالرنين المغناطيسي متعدّد المعايير قبل بدء العلاج، وذلك استنادًا إلى البيانات المختبرية، والعمر، والجنس، مع تحقيق درجات عالية من الحساسية والخصوصية.
وأفادت الدراسة نفسها أن نموذجًا مركبًا من البيانات السريرية والإشعاعية (بما في ذلك الأشعة المقطعية، والرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني), وبيانات التباين النسخي (قياس التغيرات في التعبير الجيني) من مرضى سرطان الثدي الذين يتلقون العلاج الكيميائي المساعد قد حقق أعلى دقة في التنبؤ بالاستجابة المرضية الكاملة. وعليه، طور فريق من الباحثين توقيعًا إشعاعيًا قائمًا على التعلم الآلي لتقدير الظواهر الفينوتية للبيئة الدقيقة لورم سرطان الثدي والتنبؤ بالاستجابة للعلاج المناعي المضاد لـ PD-1/PD-L1. كما طور الباحثون نموذجًا للتعلم العميق يدمج بيانات التسلسل الجيني من الجيل الجديد مع صور الصبغة المناعية النسيجية (الأجسام المضادة الموسومة بالفلورة التي تستهدف علامات سرطانية محددة في الأنسجة) للتنبؤ بمدى الاستجابة للعلاج الكيميائي المساعد المستهدف للـ HER2، ولقد قدم هذا النموذج أداءً تنبؤيًا قويًا.
اكتشافات المؤشرات الحيوية والتشخيص والعلاج
إن العثور على مؤشرات حيوية جديدة تساعد في التشخيص المبكر لسرطان الثدي أو التنبؤ بمساره أمر معقد للغاية، وخلال العقود الأخيرة، عالج الذكاء الاصطناعي كمية ضخمة من البيانات متعددة الأوميكس بدقة عالية، مما يمكن أن يؤدي دورًا محوريًا في عمليات التشخيص، والتنبؤ، والخيارات العلاجية. وتتميز هذه التكنولوجيا بقدرتها على اكتشاف العلاقة بين الخصائص الجزيئية والنتائج السريرية واستكشاف المؤشرات الحيوية التي قد يتم التغاضي عنها عند استخدام الأساليب الإحصائية التقليدية.
وقد أدى تطبيق الذكاء الاصطناعي في تحديد المؤشرات الحيوية الدقيقة إلى تحسين تشخيص سرطان الثدي من خلال تمكين التنبؤات المخصصة، والأكثر دقة، والقائمة على بيانات المجمعة من فحوصات المرضى. كما يمكن أن يؤدي جمع البيانات المختلفة، مثل الفحوصات الإشعاعية، والملفات الجينية، والصور النسيجية والصحية، والسجلات الصحية الإلكترونية من خلال نماذج تعتمد على الذكاء الاصطناعي، إلى تحسين تفسير أنماط البيانات المعقدة. فغالبًا ما تتفوق هذه النماذج على التقنيات الإحصائية التقليدية في التنبؤ بخطر تكرار الإصابة، ومعدل البقاء على قيد الحياة بشكل عام، ومعدلات البقاء على قيد الحياة بدون الإصابة بالمرض، حيث يمكن قياس خصائص الخلايا الليمفاوية المتسللة إلى الورم والنشاط الانقسامي، وهما مؤشران تشخيصيان مهمان، باستخدام خوارزميات التعلم العميق لتحليل صور الشرائح النسيجية الكاملة للمرضى. وبالمثل، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي القائمة على علم الجينوم الإشعاعي وعلم الإشعاع أن تعزز الطب الدقيق من خلال ربط بيانات التصوير بالأنماط الجزيئية والاستجابة للعلاج بشكل غير جراحي. كما تساعد هذه النماذج في التنبؤ بكيفية استجابة الأورام لأنواع مختلفة من العلاج، بما في ذلك العلاج المناعي، والعلاج الهرموني، والعلاجات الموجّهة، والعلاج الكيماوي.
تصميم الأدوية وتحديد الأهداف العلاجية الجديدة
أصبح الذكاء الاصطناعي يؤدي دورًا هامًا في التشخيص ووضع الخطط العلاجية، إذ أن قدرته على تحديد المسارات الجزيئية الجديدة والمؤشرات الحيوية التي تؤثر في نمو الورم وانتشاره تجعله عنصرًا أساسيًا في تطوير الأدوية. وتساعد نماذج الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بتفاعلات الدواء مع الهدف العلاجي، وتحديد آليات المقاومة، وتصميم مجموعات دوائية تناسب أنماطًا محددة من سرطان الثدي. كما يعمل الذكاء الاصطناعي على تسريع عملية اكتشاف الأدوية واختبارها وتقليل الوقت والتكلفة لتطوير علاجات أفضل للمرضى. ولا تعزز هذه الأساليب من كفاءة تطوير الأدوية فحسب، بل تدعم أيضًا تقدّم طب الأورام الدقيق من خلال تطوير علاجات مخصّصة تستند إلى بيولوجيا الورم لدى المريض.
وعلى الرغم من هذه التطورات الواعدة، تبقى التحديات مثل خصوصية البيانات، والنزاهة، والموافقات التنظيمية بحاجة إلى حلول عملية قبل أن يتم دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل كامل في المستشفيات والعيادات. ومع ذلك، فإن البحوث الحالية في مجالات الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير، والتعلّم المتكامل، ودمج البيانات متعددة الأنماط توفر آفاقًا واعدة لأدوات تنبؤية أكثر موثوقية وعدالة في رعاية سرطان الثدي.
* هذا المقال من تأليف الدكتورة حنان قاسم، باحث ما بعد الدكتوراه في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، وسارة المستيري، باحث مشارك أول في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي.
عندما تلتقي الخوارزميات بعلم الأورام: الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في علاج سرطان الثدي
معهد قطر لبحوث الطب الحيوي بجامعة حمد بن خليفة يختتم فعاليات شهر التوعية بسرطان الثدي
من التشخيص إلى العلاج: كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين رعاية مرضى سرطان الثدي
جامعة حمد بن خليفة تنظم برامج صيفية تفاعلية في كُلياتها ومراكزها البحثية
معهد قطر لبحوث الطب الحيوي يختتم النسخة التاسعة من برنامجه الصيفي للبحوث
معهد قطر لبحوث الطب الحيوي يعزز الوعي العام باضطراب التوحد من خلال المبادرات البحثية والعمل المجتمعي
مقال علمي لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي يحظى بالتميز ويحقق معامل تأثير مرتفع
فريق معهد قطر لبحوث الطب الحيوي يفوز في الدورة الأولى من يوم عرض المشاريع ببرنامج مِجهر
نحو مستقبل أفضل لرعاية ذوي التوحد: أهمية إشراك المجتمع وتعزيز البحث العلمي
الشركاء
كمركز عالمي للبحوث الطبية الحيوية والتحويلية، يواصل معهد قطر لبحوث الطب الحيوي الاستفادة الفعالة وتحقيق المصالح المشتركة من خلال الشراكات وأوجه التعاون طويلة الأجل مع المؤسسات الوطنية والدولية المرموقة.
الفعاليات
يُعنى معهد قطر لبحوث الطب الحيوي بمعالجة التحديات الصحية الملحة في المنطقة. وإدراكًا منا لضعف تمثيل السكان العرب في مجال البحوث، تمتد مهمتنا إلى خارج الحدود. حيث نسعى إلى الارتقاء بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي ليصبح رابطة عالمية في مجال أبحاث الطب الحيوي والبحوث التطبيقية، معززين بذلك تعاونًا عالميًا مكثفًا. كلي فخر بمساعينا التي تدفعنا نحو تعزيز الرعاية الصحية في قطر وخارجها.
الدكتور عمر البغا
المدير التنفيذي بالإنابة
يتميز معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ببنى تحتية متعددة التخصصات، ويهدف إلى تعزيز إدارة الرعاية الصحية لمرضى السكري، والسرطان، والاضطرابات العصبية، من خلال إجراء أبحاث متقدمة وتحويل الاكتشافات العلمية إلى تطبيقات سريرية، وبالتالي تحسين صحة المريض، وتوسيع نطاق تطبيق الطب الدقيق.
بصفتي المدير العلمي لمركز بحوث السكري، أطمح إلى الارتقاء بالمركز إلى مستوى جديد يتماشى مع المعايير العلمية العالمية، وتحفيز التعاون الدولي، وتحقيق تقدم كبير في الرعاية الدقيقة لمرضى السكري، وتطوير استراتيجيات فعالة للوقاية والتدخل في الاضطرابات الأيضية مثل السمنة.
الدكتور كونج وانج
باحث رئيسي والمدير العلمي، مركز بحوث السكري
يتمتع معهد قطر لبحوث الطب الحيوي بمكانة فريدة ضمن مجال البحث والتطوير في الطب الحيوي في قطر، ويمثل ركيزة أساسية في الأبحاث العلمية المتميزة، والابتكار الريادي، والتطبيقات السريرية في مجالات السرطان والسكري والاضطرابات العصبية، والتي تُعد من أبرز التحديات الصحية والاحتياجات غير الملبّاة لدى السكان المحليين. بصفتي مديرًا لمركز البحوث التطبيقية للسرطان التابع لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، أطمح إلى تعزيز تطور وتطبيقات طب الأورام الدقيق في قطر. كما أهدُف إلى تعزيز التعاون على مختلف المستويات، والارتقاء بالأبحاث الأساسية والتطبيقية والسريرية في المركز، وذلك بهدف تقديم اكتشافات رائدة وعلاجات لمرضى السرطان.
الدكتور فلاديمير كاتانايف
المدير العلمي، مركز البحوث التطبيقية للسرطان