فيروس كورونا: الاختبارات المصلية والمضاعفات العصبية
Hamad Bin Khalifa University

التميز فيروس كورونا: الاختبارات المصلية والمضاعفات العصبية

رؤية مُقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي

فرضت جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) الحاجة إلى إجراء اختبارات تشخيصية سريعة، واسعة النطاق، وغير مكلفة، لتحديد الحالات التي يصاحبها أعراض وغيرها التي لا يظهر عليها أية أعراض. في الحلقة الثانية من سلسلة الحلقات التي تطرح رؤى معهد قطر لبحوث الطب الحيوي حول هذه الجائحة، أوضح خبراء المعهد الأساس المنطقي للاختبارات المصلية. ولكن كيف تُجرى هذه الاختبارات بشكل فعلي؟ في حلقة هذا الأسبوع، يتناول خبراء من المعهد طريقتين شائعتين هما: فحص التدفق الأفقي (LFA) والمُقايَسَةُ الامْتِصاصِيَّةُ المَناعِيَّةُ للإِنْزيمِ المُرْتَبِط (الإيليزا) (ELISA)، وهما نوعان من الفحوص اللذين اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية استخدامهما مع مرضى كوفيد-19 في الحالات الحرجة، كما يناقش الخبراء بإيجاز المضاعفات العصبية الشائعة لدى مصابي فيروس كورونا.

الاختبارات المصلية لعلاج حالات كوفيد-19

تكشف الاختبارات المصلية السريعة عن الأجسام المضادة في دم المريض، وهي أجسام تُظهر استجابة جهاز المناعة لدى الإنسان وردة فعله تجاه العدوى الفيروسية.

فحوصات التدفقات الأفقية

يُعتبر اختبار الحَمْل الذي يكشف عن هرمونه أشهر تطبيق لفحص التدفق الأفقي. وعلى نحو مشابه، تعتمد فحوصات التدفق الأفقي لمصابي كوفيد-19 على الكشف عن نوعين من الأجسام المضادة، التي ينتجها الشخص المصاب بفيروس كورونا، وهما الجلوبيولين المناعي G (IgG) وM (IgM).

وفيما يتعلق بتشخيص مصابي كوفيد-19، تُستخدم عينة من دم المريض، ويجرى إضافه ذلك على أحد طرفي جهاز الاختبار. وتسمح المادة الموجودة في الجهاز للدم بالتدفق واستكشاف الأجسام المضادة لفيروس كورونا، وتنتج خطًا ملونًا من (IgG أو IgM أو كليهما)، حيث يشير خط التحكم إلى أن الاختبار قد أُجري بطريقة سليمة. وقد أشارت العديد من الدراسات إلى موثوقية أداء فحص التدفق الأفقي في تشخيص كوفيد-19. وتكمن الميزة الرئيسية لفحص التدفق الأفقي في سرعته، حيث يمكن الحصول على النتائج خلال 10-15 دقيقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إجراء هذا الفحص بسهولة دون الحاجة إلى طاقم طبي عالي الكفاءة في أحد مواقع الرعاية الصحية، ويمكن استيعابه بسهولة باستخدام أشرطة ملونة لا لبس فيها.

    

فحص التدفق الأفقي لمصابي كوفيد-19

فحص التدفق الأفقي لمصابي كوفيد-19

فحص الإيليزا 

على عكس فحص التدفق الأفقي الذي يقدم تشخيصًا بنعم (إيجابي) أو لا (سلبي)، يوفر فحص الإيليزا نتيجة كَميّة، ويستخدم فحص الإيليزا بشكل شائع في مختبرات البحث العلمي، لقياس تركيز نوع معين من الجزيئات في العينة. وعند الكشف، يحدث تفاعل قياس لوني أو ضوئي، وتُشير شدة اللون / الإشعاع إلى كمية الجزيئات الموجودة في العينة. وفي حالة كوفيد-19، تكون جزيئات الاختبار عبارة عن أجسام مضادة مُتولدة نتيجة مكافحة فيروس كورونا في دم المريض. ويساعد تحديد تركيز الأجسام المضادة بدقة عن طريق استخدام فحص الجرعات المناعية الإنزيمية في الإجابة على العديد من الأسئلة البحثية، مثل: إلى متى تستمر هذه الأجسام المضادة في جسم الإنسان؟ وما هو مستوى تركيز الأجسام المضادة المطلوبة للتعافي من عدوى فيروس كورونا؟
وفي حين أن فحص الإيليزا يتميز بمردود عالي، ويمكن تشغيله آليًا لاختبار عدد كبير من العينات، إلا أن مشكلته الوحيدة هو ضرورة إجراء هذا الفحص في المختبرات المجهزة بأدوات متخصصة.

اختبار الإيليزا لمصابي كوفيد-19

اختبار الإيليزا لمصابي كوفيد-19

 

لتحسين القدرة التشخيصية للاختبارات المصلية، يجري تطوير إصدارات معدلة من فحص التدفق الأفقي وفحص الإيليزا، للكشف كذلك عن بروتينات كوفيد-19 المحددة بدلاً من الأجسام المضادة. ومع ذلك، لا تزال هذه الفحوصات في مراحل تطوير مبكرة. ونظرًا لانخفاض خصوصيتها وحساسيتها مقارنة بتفاعل البوليمراز التسلسلي اللحظي مع النسخ العكسي (RT-PCR)، فإن التشخيص القياسي الذهبي لكوفيد-19 يمكن أن تلعب فيه الاختبارات المستندة إلى الأمصال دورًا تكميليًا في اختبار عدد أكبر من السكان بتكلفة أقل.

وبصرف النظر عن التشخيص المصلي للمرضى المصابين بالفيروس، فإن الميزة الحقيقية لاختبارات وفحوصات التدفق الأفقي والإيليزا تكمن في تحديد أولئك الذين تعافوا من العدوى، أي الأفراد الذين وصلوا إلى مرحلة النقاهة، حيث يُمكن لهؤلاء الأشخاص التبرع بالبلازما، وهي الجزء السائل من الدم الذي يحتوي على الأجسام المضاده لأغراض علاجية. والعلاج ببلازما النقاهة هو علاج استقصائي للحالات الشديدة المصابة بكوفيد-19. وتثبت هذه الاختبارات أيضًا قيمة كبيرة جدًا في تحديد مدى قدرة مناعة القطيع، من أجل اتخاذ قرارات حاسمة بشأن تخفيف تدابير العزل والتباعد الاجتماعي وقيود الإغلاق العام، حتى أن العديد من البلدان باتت تدرس إصدار جوازات سفر من نوع خاص للأفراد المتعافين، ليتمكنوا من العودة إلى العمل أو السفر.

المضاعفات العصبية لكوفيد-19

على الرغم من أن الأعراض الرئيسية لكوفيد-19 ذات طبيعة تنفسية يُصاحبها فشل كبدي ومعوي وفشل عضوي متعدد، إلا أن عددًا كبيرًا من حالات كورونا الحادة يظهر عليها أيضًا مضاعفات عصبية. وأكثر هذه الأعراض العصبية شيوعًا هي الصداع والدوار والغثيان وآلام العضلات والإرهاق. ويعاني العديد من المرضى من فقدان القدرة على التذوق والشم. بالإضافة إلى ذلك، لوحظ انخفاض في مستوى الإدراك لدى مرضى كوفيد-19 من كِبار السن، وكذلك الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم.

وفي محاولة منا لفهم ما قد يكون تفسيرًا لهذه الملاحظات، يُمكن اعتبار الدماغ بمثابة مركز التحكم في الجسم، حيث ينقل التعليمات بسرعة إلى الأعضاء الطرفية عبر الخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي والمحيطي. ويُمكن أن يؤدي الخلل في الاتصال بين الدماغ والأعضاء الحيوية إلى فشل الأعضاء واضطرابات حسية. فهل يمكن أن يصيب كوفيد-19 خلايا الدماغ ويعطل هذا الاتصال؟

على غرار مسار دخول فيروس كورونا إلى خلايا الرئتين عن طريق الارتباط بمستقبل إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2، الذي تناولناه في الحلقة الثالثة من هذه السلسلة (https://www.hbku.edu.qa/en/news/qbri-insights-biology)، والموجود على سطح الخلية، يوجد إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2 على خلايا البطانة الغشائية، وهي طبقة الخلايا التي تشكل حاجزًا بين الأوعية الدموية وأنسجة جسم الإنسان. بهذه الطريقة، تتاح للفيروس فرصة دخول الدورة الدموية. علاوة على ذلك، يُمكن حماية الدماغ والحبل الشوكي من خلال طبقات خاصة من الخلايا، تُعرف باسم الحاجز الدموي الدماغي، أو حاجز السائل الدموي الشوكي النخاعي، الذي يمنع دخول مُسببات الأمراض الخارجية مثل البكتيريا والفيروسات.

ويُعتبر السبب الدقيق للاضطرابات العصبية المُحسنة في مرضى كوفيد-19 غير مفهوم بشكل واضح، على الرغم من وجود احتمال قوي بأن يكون الفيروس قادر على عبور الحاجز الدموي الدماغي وحاجز السائل الدموي الشوكي النخاعي للوصول إلى الجهاز العصبي المركزي. ومن المثير للاهتمام أن خلايا الدماغ تحتوي أيضًا على إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2 على سطحها، على الرغم من أنه يكون عند مستويات أقل مقارنة بخلايا الرئتين، وبالتالي يُسهّل ذلك دخول كوفيد-19. وعلى غرار نتائج أنواع أخرى من الفيروسات التاجية، قد يرتبط تأثير فيروس كورونا على الوظائف العصبية بفشل تنفسي حاد أو سكتة دماغية، وقد لوحظ ذلك في مرضى كوفيد-19.

هناك العديد من عوامل الخطر التي تتحكم في شدة العدوى بالفيروس مثل العمر والأمراض المصاحبة وظروف الجهاز المناعي، والتي قد تؤثر بدورها على مضاعفات الأمراض العصبية لدى مرضى فيروس كورونا. لذا، نحتاج إلى مزيد من البحوث لتسليط الضوء على العلاقة بين فيروس كورونا وتلك المضاعفات العصبية.

المشاركون في هذه الدراسة: 

فحوصات التدفق الأفقي: د. عفيف بن محمود (باحث أول مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
فحص المُقايَسَةُ الامْتِصاصِيَّةُ المَناعِيَّةُ للإِنْزيمِ المُرْتَبِط: د. أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
المضاعفات العصبية لكوفيد-19: د. فيجاي جوبتا (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
الرسوم التوضيحية: د. عفيف بن محمود ود. أدفيتي نايك
مراجعة النص العربي واعتماده: د. نور مجبور 
المحررون: د. أدفيتي نايك ود. ألكسندرا باتلر (باحث رئيسي، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)

لتصفح المراجع، يُرجى الضغط هنا.

 

أخبار متعلقة

تسلط الضوء على اليوم العالمي للسكري 2020

في خضم الجائحة العالمية الحالية التي نتجت عن تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، من المهم أن نركز على الحالات الطبية الشائعة والمعقدة الأخرى مثل مرضى السكري.

معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ومعهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة ينشران دراسة مشتركة حول أداة لتقييم خطورة فحص مقدمات السكري

اشترك علماء من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ومعهد قطر لبحوث الحوسبة، التابعَين  لجامعة حمد بن خليفة، في نشر أول تقييم للخطورة لفحص مقدمات السكري في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد واحدةً من أعلى معدلات الإصابة بهذا المرض في العالم.