من تجارة التجزئة إلى التجارة الإلكترونية: مبادئ التسويق والخدمات
Hamad Bin Khalifa University

مقال رأي من تجارة التجزئة إلى التجارة الإلكترونية: مبادئ التسويق والخدمات اللوجيستية للمحلات التجارية

الدكتور فرانك هيمبل*

بدأت محلات تجارية ومتاجر تجزئة منتشرة حول العالم في توزيع البضائع التي تُطلب عبر قنوات الطلب على شبكة الإنترنت منذ أكثر من عقد من الزمان، كإضافة مستقبلية لقطاع أعمال ثانوي يكمل الخدمات اللوجيستية الاعتيادية في كثير من الأحيان. وعلى هذا النحو، لا يعد طلب الشراء عبر الإنترنت واستلام منتجات البقالة عبر قنوات التوصيل شيئًا جديدًا. ومع ذلك، فإن المحلات التجارية وتجار المواد الغذائية بالتجزئة باتوا يواجهون اليوم صعوبات كبيرة في توصيل الطلبات إلى الزبائن بفعل انتشار فيروس كوفيد-19، بالإضافة إلى مواجهة التحدي المتمثل في تحويل نموذج أعمالهم من تجارة التجزئة الفعلية إلى الطلب عبر الإنترنت، وتسليم البضائع بشكل عاجل وغير مسبوق. وفي ظل فرض تدابير التباعد الجسدي المعمول بها حاليًا في جميع أنحاء العالم، يفضل الناس بشكل متزايد تجنب شراء منتجات البقالة بأنفسهم عبر زيارة المحلات التجارية، وذلك لحماية صحتهم والحفاظ على سلامتهم. 

وفي ظل هذه الأوضاع، يجد قطاع تجارة التجزئة نفسه في بيئة وسوق يشهدان تغيرًا جذريًا، حيث باتت التغييرات المطلوبة منه واسعة للغاية. فقد صُممت البنية التحتية الاعتيادية للمحلات التجارية ومتاجر البيع بالتجزئة، مثل المباني ومراكز التخزين، بشكل استراتيجي لتمكين الزبائن من التسوق أثناء سيرهم في المتاجر، ووضع المنتجات على الرفوف وفقًا لمنطق التسويق وعرض المنتجات، وهي عوامل أصبحت قديمة في عالم البيع بالتجزئة عبر الإنترنت. وما يهم الآن هو التوصيل الآمن والموثوق والسريع لطلبات الزبائن عبر الإنترنت من خلال خدمات التوزيع المخصصة. ويبرز دور الخدمات اللوجستية في صميم الجهود المبذولة لمعالجة هذه التحديات، حيث أصبحت واجهة التفاعل بين التسويق والخدمات اللوجستية أداة حيوية بالفعل للتنفيذ السريع في السيناريو الحالي.

ومن أجل تحقيق تحوّل سريع قصير المدى في سلاسل الإمدادات، هناك شرطان أساسيان هما: أولًا، يجب تغطية إمدادات منتجات محددة إما من خلال الإنتاج المحلي أو عبر الواردات المتاحة. وثانيًا، يجب توفير واجهة أمامية فعالة للطلب عبر الإنترنت وإتاحتها للعملاء. ومع ذلك، أصبح التشغيل السلس والفعال لوظيفة "الاختيار والتعبئة" يمثل الآن عنق الزجاجة، لا سيّما بالنسبة للمحلات التجارية. 

ولهذا الأمر العديد من النتائج التي يمكن معالجتها: أولاً، لا يمكن للمحلات التجارية توفير مجموعة كاملة من البضائع لزبائنها، على الأقل في الوقت الحالي. ومن المطلوب تحليل المبيعات لتقليل مجموعة المنتجات المتاحة عبر الإنترنت بشكلٍ مجدٍ، وبالتالي الحد من تعقيدات تجميع الطلبات في وقتٍ لاحقٍ. وفي ظل الظروف الحالية، ستكون للأغذية والمنتجات المعلبة أهمية أكبر من المواد غير الغذائية، ويجب انتقاء أي مادة من المواد غير الغذائية بشكل معقول. ورغم أن الزبائن قد يمتلكون خياراتٍ أقل، فإن تخفيض أعداد المنتجات المتاحة سيساعد كثيرًا في الحفاظ على القدرة على تسليم البضائع بشكلٍ أسرع وأكثر موثوقية.

ثانيًا، يمكن تقسيم القوائم المختصرة للمنتجات الأساسية إلى فئتين هما: المنتجات سريعة الحركة وغيرها بطيئة الحركة، حيث يقبل الزبائن بشدة على شراء المنتجات سريعة الحركة بكميات كبيرة. وقد تكون المنتجات بطيئة الحركة جذابة في عالم تجارة التجزئة الفعلي، ولكنها قد تحظى بأهمية أقل في ظل الأوضاع الحالية. ثالثًا، يجب تخزين المنتجات الأساسية التي تشهد إقبالًا عاليًا ضمن عروض مبسطة بشكل مختلف في الوقت الحالي. وعادةً ما تُعرض هذه المنتجات في أماكن غير مركزية على مقربة من المناطق الاستراتيجية في جميع أنحاء المحلات التجارية لجذب الانتباه. وفي الوضع الجديد المعاد ترتيبه، يجب تخزين السلع المحددة سريعة الحركة في مناطق رئيسية مخصصة بالمتاجر والأسواق الإلكترونية بهدف تيسير سبل وصول الموظفين إليها بدون عوائق لتسهيل عملية جمعها وتعبئتها بسرعة. ورابعًا، يجب تقليص زمن التكليف اللازم للعمال لتجميع طلبية واردة قدر الإمكان عبر تقليل المسافات التي يتعين عليهم قطعها للوصول إلى المنتجات.

خامساً، عند تعبئة الطلبات المستلمة عبر الإنترنت وتجهيزها للتوصيل، يمكن استخدام عبوات بأحجام موحدة للحد من تعقيدات عملية التعبئة. ومثلما هو الحال في لعبة "تتريس"، يسمح استخدام الأحجام المكعبة الموحدة بتخزين الطرود في عربات التوصيل بطريقة فعالة للغاية. وتبرز أهمية هذا الأمر على وجه الخصوص بالنسبة لتجار المواد الغذائية الذين لا يعتمدون على موفري خدمات لوجستية آخرين لأسباب تتعلق بالجودة وضمان سلامة الأغذية.

سادسًا، يجب منح الأولوية لتسليم الطلبات المقبولة وتخطيط عملية تسليمها بطريقة محسوبة. ولن تكون المفاهيم الخطية الاعتيادية مثل "التسليم بأسبقية تلقّي الطلب" فعالة في ظل الظروف الحالية. سابعًا، بسبب تقليص مجموعة المنتجات الأساسية، يجب ألا تكون المنتجات المعروضة ثابتة، بل ينبغي تحسينها بانتظام. وبعبارة أخرى، لا يجب أن يمنع تقليص فترة الدوام قطاع تجارة التجزئة من التفكير على المدى القصير. ويمكن تجنب مطالبة الزبائن بشراء منتجات تزيد قيمتها عن الحد الأدنى لمبلغ طلبات التوصيل، أو فرض رسوم توصيل عالية، أو توقع قبول العملاء لأوقات تسليم مطولة، أو قبول تكدس الطلبات، على سبيل المثال لا الحصر لبعض المآزق التي تواجه عملية تسليم الطلبات التي نشهدها حاليًا على الصعيد الدولي، عبر التأكيد على المبادئ المحددة للتسويق والخدمات اللوجستية.

ورغم أنه من الواضح أن المحلات التجارية تحتل موقعًا رئيسيًا في عملية توفير إمدادات السلع الاستهلاكية خلال فترة انتشار الوباء الحالي، فلن يكون من المعقول مقارنتها بالشركات العملاقة ذات المكانة الراسخة على شبكة الإنترنت مثل شركة أمازون وغيرها، حيث أن نموذج أعمال هذه المحلات وتجهيزاتها اللوجستية مختلفة منذ البداية، وهو ما يدعو الزبائن، بطبيعة الحال، إلى التحلي بالصبر وحسن النية في التعامل مع المحلات التجارية لفترة من الوقت. وتشكل هذه المحلات مراكز لوجستية يديرها أفراد لتحقيق مصالح الناس عن طريق أفرادٍ آخرين، حتى وإن كانت تبدو وكأنها مجرد شاشة مجهولة الهوية على شبكة الإنترنت في الوقت الحالي. 

* يشغل الدكتور فرانك هيمبل منصب أستاذ مشارك في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة.
ملاحظة:

هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة. 
 

Hamad Bin Khalifa University

أخبار متعلقة

في دائرة الضوء: جاسم محمد الملا ضمن سلسلة الفائزين بمنح برنامج المنح الدراسية لطلبة الدراسات العليا

أعلنت كلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة، مؤخرًا، عن أنجح مشاركة لها في برنامج المنح الدراسية لطلبة الدراسات العليا المقدمة من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي حتى الآن، حيث حصل 17 طالبًا وطالبةً في الكلية على منح من البرنامج.

عائشة الرميحي في دائرة الضوء ضمن سلسلة الفائزين بمنح برنامج المنح الدراسية لطلبة الدراسات العليا

أعلنت كلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة، مؤخرًا، عن أنجح مشاركة لها في برنامج المنح الدراسية لطلبة الدراسات العليا المقدمة من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي حتى الآن، حيث حصل 17 طالبًا وطالبةً في الكلية على منح من البرنامج.