قدرة فيروس كورونا على البقاء وكيفية إبطال مفعوله
Hamad Bin Khalifa University

التميز قدرة فيروس كورونا على البقاء وكيفية إبطال مفعوله

رؤية مقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي

يحرص معظم الأشخاص على تطهير الأسطح المختلفة بشكل صارم ومكثف خوفًا من انتقال فيروس كورونا (كوفيد-19)، ولكن هل يعيش هذا الفيروس في الهواء؟ بمجرد اقتحام الفيروس لجسم الإنسان، فهل يمكن تحييد الفيروس وإبطال مفعوله؟ في حلقة هذا الأسبوع، يناقش خبراء من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي دراسات حديثة، تُسلط الضوء على استقرار الفيروس على الأسطح، وقدرته على البقاء في الهواء، إلى جانب ما جرى من تطور علمي في مكافحة الإصابة بالفيروس من خلال الأجسام المضادة المُعَادِّلة.

ثبات كوفيد-19 على الأسطح وفي الهواء

سعيًا لمنع انتقال العدوى بفيروس كوفيد-19، وبالتالي احتواء تفشي الجائحة، من الضروري اتخاذ تدابير قوية للحفاظ على الصحة العامة والنظافة. وقد أشارت دراسة حول استقرار وثبات الفيروس على العديد من الأسطح، نُشرت في مجلة (نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين)، إلى قدرة الفيروس على البقاء لفترة أطول على الأسطح البلاستيكية (72 ساعة)، وعلى الفولاذ المقاوم للصدأ (48-72 ساعة)، مقارنة بالأسطح الكرتونية (24 ساعة )، والنحاس (4 ساعات). بالتالي، قد ينتشر الفيروس عن طريق لمس سطح أو شيء ما ملوث بالفيروس، مما يساهم في التأكيد على أهمية تطهير الأسطح بانتظام، وغسل اليدين بشكل متكرر بالماء والصابون، والتأكد من عدم لمس الوجه.

على الرغم من ذلك، فقد صدر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تقرير تم تحديثه في 11 مايو، وجاء فيه أن الفيروس "لا ينتشر بسهولة عبر الأسطح الملوثة"، مما يمنحنا بعض الإحساس بالراحة تجاه فكرة الحرص الشديد على تطهير أغراض البقالة، ومقابض الأبواب، ولوحات المفاتيح، وغيرها من الأسطح التي نداوم على ملامستها. وعلى الرغم من أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها لا تزال توصي بتنظيف الأسطح التي يلمسها الإنسان بكثرة وتطهيرها بشكل روتيني، فإن هناك اعتقاد بأن النمط الأساسي لانتقال العدوى بالفيروس يتم عبر الاتصال الوثيق والمطوّل مع الأشخاص المصابين به، نتيجة ازدياد احتمال استنشاق الرذاذ عبر الجهاز التنفسي، في حال قام الشخص المصاب بالسعال أو العِطاس أو حتى مجرد الكلام.

فعند الكلام، يخرج رذاذ هوائي يقل قطر الواحد منه عن 10 ميكرون (الميكرون واحد من مليون من المتر). في حين كشف أحد التقارير عن أن الفيروس أثبت قدرته على الاستمرار في الهباء الهوائي لمدة ثلاث ساعات، فقد أظهرت تجربة أخرى كرر فيها المتحدث بصوت عالٍ عبارة "حافظ على سلامتك" لمدة 25 ثانية في غلاف مكعب الشكل سعته (226-L)، أن الرذاذ المتطاير بقي لمدة 8-14 دقيقة.

علاوة على ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن قطرات صغيرة من الرذاذ في غرفة سيئة التهوية تستمر لفترة أطول بكثير من غرفة جيدة التهوية. وقد أظهرت عينات الهواء المأخوذة من غرف يُعالج فيها مرضى كوفيد-19 أنه خلال (ما بين 5-18 يومًا) في المتوسط كان هناك احتمال 80٪ لوجود جزيئات الفيروس. وقد يكون حجم وعدد جزيئات الهباء الهوائي وما تحمله من فيروسات من العوامل الإضافية التي تحدد خطر التعرض للمرض. وتؤكد هذه الدراسات على ضرورة ارتداء الأقنعة في الأماكن العامة في الوقت الحالي، وتهوية الغرف، والحفاظ على مسافة بطول مترين بين الأشخاص، وتجنب الازدحام، والتحدث في الأماكن المفتوحة.

تحييد الأجسام المضادة أحادية النسيلة في مكافحة كوفيد-19

حتى في ظل وجود ما يقرب من ستة ملايين حالة إصابة مؤكدة و000,360 وفاة في جميع أنحاء العالم بسبب كوفيد-19، فإن التقدم عاجلاً أم آجلاً في مجال العلوم والرعاية الصحية سيمكن من اكتشاف العلاج النهائي الذي يمكن أن يوفر الوقاية من كوفيد-19. وفي هذا السباق المحموم لإيجاد علاج فعال، فإن السعي إلى حظر أو تحييد الأجسام المضادة بشكل فعال (nAbs) هو دائمًا الاستجابة "ذات الأولوية الأولى" في مواجهة أي جائحة مستجدة. فالجسم المضاد هو جزيء على شكل "حرف Y" ينتجه الجهاز المناعي لجسم الإنسان استجابةً للعدوى الفيروسية، من أجل تحييد الفيروس وإبطال مفعوله، وبالتالي السماح للجسم بالدفاع عن نفسه ضد العدوى. وبمجرد تحديد الجسم المضاد الانتقائي في مواجهة الفيروس، يمكن تصميمه هندسيًا وإنتاجه على نطاق أوسع خارج الجسم البشري؛ بهدف توليد أجسام مضادة موحدة محايدة، تستخدم عادة كعقار لعلاج العديد من الأمراض.

من جانب آخر، يعلق فيروس كورونا داخل الجسم بمستقبلات إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2 على سطح الخلية المضيفة من خلال مجال ربط المستقبلات للوحدة الفرعية (S1) للبروتين الشوكي (https://www.hbku.edu.qa/en/news/ qbri-insights-biology). لذلك، فإن حظر "المرفق المضيف للفيروس" باستخدام أجسام مضادة محايدة ومحددة ضد مستقبلات إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2  للخلية المضيفة أو مجال ربط المستقبلات الفيروسية في البروتين الشوكي يقلل من قدرة الفيروس على اختراق جسم الإنسان، وهي الخطوة الحاسمة الأولى للحماية من أضرار كوفيد-19.

وهناك العديد من الوسائل العملية الممكنة لتحييد الأجسام المضادة بشكل فعال بغرض إبطال مفعول كوفيد-19 (كما هو موضح بالشكل 1):

  • قد تعيق الأجسام المضادة الربط بين مجال المستقبلات الفيروسية بشكل وثيق بمستقبلات إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2، وبالتالي منع العدوى الفيروسية.
  • قد يؤدي تحييد الأجسام المضادة بشكل فعال إلى تراكم الجسيمات الفيروسية، ما يؤدي إلى انخفاض تغلغل الفيروس في خلايا الجسم.
  • في خطوة ما بعد الربط، يمكن أن يثبط تحييد الأجسام المضادة الموجودة على سطح الفيروس القدرة على اقتحام الفيروس، وهو ما يؤدي إلى تدهور الفيروس والقضاء عليه.
  • يمكن لتحييد الأجسام المضادة أيضًا أن يمنع اندماج الجزيئات الفيروسية عندما تتقارب مع (أو تدخل) بين الفيروس وغشاء الخلية.
  • وأخيرًا، قد يرتبط تحييد الأجسام المضادة بسطح الفيروس ويمنع تكاثر الفيروس حتى بعد اقتحامه لخلايا الجسم.

ويمكن أن يكون عدد من عمليات تحييد الأجسام المضادة المقترحة لمكافحة المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) مفيدًا في مواجهة كوفيد-19 أيضًا بسبب التشابه بين الفيروسين. وتعمل بعض من هذه العمليات على تحييد شريحة (S1)، وتمنع تفاعل بروتين الوحدة الفرعية (S1) مع مستقبلات إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2 على الخلايا المضيفة، وهي تشمل 80R وCR3014 وCR3022 وF26G18 وF26G19 وm396 و201. ومع ذلك، تم حتى الآن الإعلان عن عدد قليل من الدراسات الخاصة بتحييد الأجسام المضادة لكوفيد-19، حيث يمكن أن تقيّد عملية تحييد الأجسام المضادة القائمة على (311mab-31B5) و(311mab-32D4) بقوة وبشكل محدد بروتين مجال ربط المستقبلات. تساعد هذه العملية في تحييد دخول الفيروسات المعدلة وراثيًا (الفيروس الزائف) إلى الخلايا المضيفة مع مستقبلات إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2، وبالتالي، يمكن أن تمنع وبشكل فعال من تفاعل كوفيد-19 ومستقبلات إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2. وفي الآونة الأخيرة، أظهر تحييد الأجسام المضادة 47D11)) البشري الجديد الذي يقيّد (S1) في كل من المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) وكوفيد-19 نشاط تحييد متبادل بآلية مختلفة تتعلق بتداخل ربط مستقبلات إنزيم محوّل للأنجيوتنسين 2.

وفي ظل الجهود الهائلة والتقنيات الحيوية البيوكيميائية والجزيئية المتطورة التي تستخدم لتحديد عملية تحييد الأجسام المضادة لفيروس كورونا بشكل فعال، فإنها فقط مسألة وقت قبل أن نرى تطبيقها سريريًا لعلاج كوفيد-19. إليكم بعض من عمليات تحييد الأجسام المضادة لكوفيد-19 ومواقعها المستهدفة في الجدول رقم (1). 
 

الشكل 1: الوقاية من عدوى كوفيد-19 في ظل تحييد الأجسام المضادة

الشكل 1: الوقاية من عدوى كوفيد-19 في ظل تحييد الأجسام المضادة

الجدول (1) : قائمة الأجسام المضادة التي تم تحديدها حتى الآن لمكافحة مجال ربط مستقبلات البروتين الشوكي

الجدول (1) : قائمة الأجسام المضادة التي تم تحديدها حتى الآن لمكافحة مجال ربط مستقبلات البروتين الشوكي

المشاركون في هذه الدراسة:

ثبات كوفيد-19 على الأسطح وفي الهباء الهوائي: د. يوشي كوباياشي (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
تحييد الأجسام المضادة لمكافحة كوفيد-19: د. أبو صالح محمد معين (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
الرسوم التوضيحية: د. أبو صالح محمد معين
مراجعة النص العربي واعتماده: د. نور مجبور 
المحررون: د. أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) ود. ألكسندرا باتلر (باحث رئيسي، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)

لتصفح المراجع، يُرجى الضغط هنا.

 

أخبار متعلقة

تسلط الضوء على اليوم العالمي للسكري 2020

في خضم الجائحة العالمية الحالية التي نتجت عن تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، من المهم أن نركز على الحالات الطبية الشائعة والمعقدة الأخرى مثل مرضى السكري.

معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ومعهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة ينشران دراسة مشتركة حول أداة لتقييم خطورة فحص مقدمات السكري

اشترك علماء من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ومعهد قطر لبحوث الحوسبة، التابعَين  لجامعة حمد بن خليفة، في نشر أول تقييم للخطورة لفحص مقدمات السكري في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد واحدةً من أعلى معدلات الإصابة بهذا المرض في العالم.