هل يمكن للبصمات الجينية أن توضح سبب مقاومة بعض أنواع سرطان الثدي

هل يمكن للبصمات الجينية أن توضح سبب مقاومة بعض أنواع سرطان الثدي للعلاج الكيميائي؟

21 أكتوبر 2021

نشر معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، التابع لجامعة حمد بن خليفة، دراسةً جديدةً في مجلة دولية مرموقة تشرح كيف يمكن لمجموعة من الجينات التنبؤ باستجابة المريض لعلاج السرطان.

هل يمكن للبصمات الجينية أن توضح سبب مقاومة بعض أنواع سرطان الثدي للعلاج الكيميائي؟

يُعدُ سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطانات شيوعًا بين النساء، حيث يُقدر معدل انتشاره بنحو 1.5 مليون حالة جديدة سنويًا على مستوى العالم. وفي قطر، يمثل سرطان الثدي ما يقرب من ثلث جميع حالات الإصابة بالسرطان لدى النساء. وتُكتشف الإصابة بالمرض عندما تبدأ خلايا الثدي في النمو والانقسام بطريقة غير منضبطة لتكوين كتلة أو ورم، رغم أن ما يقرب من 90٪ من الكتل الموجودة بالثدي ليست سرطانية. 

ويمكن أن ينتشر سرطان الثدي إلى أجزاء أخرى من الجسم عبر الأوعية الدموية والأوعية الليمفاوية في مراحل متقدمة. ويمكن تحديد نوع سرطان الثدي بعد فحص أنواع الخلايا التي تحولت إلى سرطان.

الفحص المبكر ضروري

توصلت الدراسات الوبائية الحديثة حول توزيع الأمراض والظروف الصحية الأخرى لدى مجموعات سكانية معينة أن سرطان الثدي هو السبب الرئيسي الثاني والأكثر شيوعًا للوفاة بفعل الإصابة بالسرطان لدى النساء.

وتظهر الإحصائيات كذلك أن 98 من أصل كل 100 امرأة تُشخص إصابتهن بسرطان الثدي يبقين على قيد الحياة لمدة خمس سنوات على الأقل بعد التشخيص، عندما تُكتشف إصابتهن بالمرض ويتلقين العلاج في مرحلة مبكرة. وقد ساهمت برامج الفحص في تقليل خطر الوفاة بفعل سرطان الثدي بنسبة تزيد عن 30٪، حسبما أفادت عدة دراسات.

ويتميز سرطان الثدي بأنه مرض غير متجانس، وهو ما يعني أنه يمكن أن يظهر خصائص مختلفة. ورغم إمكانية علاج سرطان الثدي في مراحله المبكرة بكفاءة عالية، فإن تكرار الإصابة بالسرطان وانتشار الخلايا السرطانية من أهم العوامل التي تؤدي إلى تقليل فرص البقاء على قيد الحياة، والتي يمكن تفسيرها بوجود بعض الخلايا السرطانية المقاومة لوسائل العلاج الاعتيادية مثل العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي.

الاستجابات المتباينة لوسائل العلاج

يُقدَّم العلاج الكيميائي المساعد الجديد لمرضى السرطان قبل المسار الأساسي لعلاجهم، وعادة ما يكون ذلك لتسهيل إجراء جراحة الحفاظ على الثدي والقضاء على الأورام الدقيقة المنتشرة غير المرئية سريريًا. ومع ذلك، لا يحقق جميع مرضى سرطان الثدي الاستفادة المرجوة من العلاج الكيميائي المساعد. ويواجه بعض المرضى الذين يخضعون لهذا العلاج آثارًا جانبية غير مرغوب فيها دون تحقيق فائدة كبيرة.     

وأجرى فريق من العلماء من مركز البحوث التطبيقية للسرطان والمناعة في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، التابع لجامعة حمد بن خليفة، مؤخرًا، دراسةً لتصنيف مرضى سرطان الثدي إلى مستجيبين وغير مستجيبين للعلاج الكيميائي المساعد الجديد على المستوى الجزيئي باستخدام بيانات من خلايا السرطان المفردة والخوارزميات الحسابية. وبتوظيف هذا النهج، تمكن الفريق من التعرف على مجموعة من الجينات التي يمكن أن تتنبأ باستجابة سرطان الثدي الثلاثي السلبي العدواني للعلاج الكيميائي المساعد الجديد.

وكشف الباحثون عن وجود خلايا مناعية معينة، بما في ذلك بصمة مناعية نشطة، تنبأت باستجابة هؤلاء المرضى للعلاج. بالإضافة إلى ذلك، تعرَّف الباحثون على العديد من الجينات الرئيسية التي أدت إلى تثبيط كبير لنمو خلايا سرطان الثدي عند استهدافها في المختبر.

وقال الدكتور نهاد العاجز، عالم أول في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي والباحث الرئيسي للدراسة التي نُشرت مؤخرًا في مجلة العلاج الجزيئي أونكوليتيكس المرموقة التابعة لدار Cell Press للنشر: "تمثل مقاومة سرطان الثدي الثلاثي السلبي للعلاج الكيميائي المساعد تحديًا سريريًا كبيرًا. لذلك؛ يمكن أن يوفر التعرف على عدم تجانس الورم رؤيةً جديدةً لآليات المقاومة والأهداف العلاجية المحتملة."

فهم أهمية الدراسة للمرضى المصابين بسرطان الثدي الثلاثي السلبي 

يقسم الدكتور العاجز الدراسة بمزيد من التوضيح، فيقول: "يمكن أن تساعد النتائج في تصنيف المرضى المصابين بسرطان الثدي الثلاثي السلبي بحيث يُقدَّم العلاج المعتاد فقط للأشخاص الذين من المتوقع أن يستجيبوا له، مع تقديم وسائل علاجية بديلة للأشخاص الذين يُتوقع عدم استجابتهم للعلاج." 

ويضيف الدكتور نهاد قائلًا: "بالتالي، تقربنا النتائج المنشورة خطوة إضافية من فهم آليات مقاومة العلاج في سرطان الثدي وتطبيقه المحتمل في الطب الشخصي لتحقيق نتائج أفضل للمرضى. وسوف يعمل توسيع نطاق نتائج هذه الدراسة لتشمل مجموعات أكبر من المرضى على تحديد البصمات الجينات بدقة أكبر  والتحقق من صحة تطبيقها المحتمل للتنبؤ باستجابة المرضى للعلاج الكيميائي واستخدام هذه الجينات كأهداف علاجية. وفي ضوء معدلات الانتشار العالية لمرض السرطان، تتمثل إحدى أهم أولويات مركزنا في إلقاء المزيد من الضوء على قضايا السرطان التي تؤثر على دولة قطر والمنطقة العربية."                                           

ويهدف مركز البحوث التطبيقية للسرطان والمناعة للتوصل إلى فهم أفضل للقواعد الخلوية والجزيئية للإصابة بمرض السرطان وتطوره مع التركيز على سرطان الثدي. ويركز المركز على مجاليَّن بحثيَّين رئيسييّن هما علم المناعة السرطانية والعلاج المناعي للسرطان، والمؤشرات الحيوية للسرطان وطرق علاجه. ويجري المركز أيضًا أبحاثًا حول الأمراض المعدية والمناعة.