فيروس كوفيد-19 يرفع الراية الحمراء لأمراض القلب والأوعية الدموية
Hamad Bin Khalifa University

مقال رأي فيروس كوفيد-19 يرفع الراية الحمراء لأمراض القلب والأوعية الدموية

القلب هو أول عضو يستشعر الحياة ويمنحها؛ وبالتالي، فهو الهدف النهائي لأي تحدٍ داخليٍ أو خارجيٍ يواجه جسم الإنسان. وعلى النقيض من ذلك، يؤدي جهاز القلب والأوعية الدموية دورًا رئيسيًا في كل الأحداث التي يشهدها دماغنا ويسجلها. وسيحدد المنطق السليم والمرونة بدلاً من العناد، في نهاية المطاف، تعافينا من فيروس كوفيد-19، مثله في ذلك مثل الأوبئة الأخرى التي شهدها العالم من قبل. ولا ينطبق أي شيء بشكلٍ أكبر من ذلك عندما يتعلق بالأمر بالوظائف البدنية المهمة والهشة بشكل جوهري.

منذ الأيام الأولى لانتشار فيروس كوفيد-19، جمعت الصين أدلة تشير إلى أن الفيروس يسبب زيادة في معدل الوفيات والمراضة بين الأفراد الذين لديهم تاريخ من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، والربو. ولإثبات ذلك، قام علماء صينيون بحساب معدل الوفيات بفعل حالات الإصابة لكل حالة، ونشروا نتائجهم في العدد الأخير من مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (جاما). ولاحظ هؤلاء العلماء حدوث زيادة بنسبة 0.9٪ في معدل الوفاة والمراضة لدى الأفراد الذين لا يعانون من أمراض مُصاحبة، وبنسبة 10٪ لدى الأفراد الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، وبنسبة 7.3٪ لدى الأفراد الذين يعانون من مرض السكري، وبنسبة 6.3٪ لدى الأفراد الذين يعانون من أمراض الانسداد الرئوي المزمن، وبنسبة 6٪ لدى الأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم.

وفي بعض الجوانب، لا تُعدُ النتائج المذكورة أعلاه صادمةً على وجه الخصوص، حيث تشير الدراسات السابقة إلى أن متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، التي تشبه فيروس كوفيد-19، إلى أن الفيروس يزيد أيضًا من معدل المراضة بين المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية. والنتيجة الأكثر إثارة للقلق هي أن الأفراد المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية معرضون، بشكل خاص، لأشد أشكال فيروس كوفيد-19، التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى الوفاة.

وترتبط العلاقة بين أمراض القلب والأوعية الدموية ومعدلات الوفيات المرتفعة لدى المصابين بالالتهابات الرئوية ارتباطًا مباشرًا بأهمية القلب والأعضاء المتصلة بالجهاز القلبي الوعائي في توفير إمدادات الأكسجين. ويتأكسد الدم في الرئتين، وهما الهدف الأساسي لفيروس كوفيد-19 حسبما نعلم. وفي ضوء ذلك، يؤثر الإمداد المعيب للدم المؤكسد تأثيرًا مباشرًا على أداء الأوعية الدموية، بالإضافة إلى قدرة القلب على التعامل مع الطلبات المتزايدة على الجسم.

بالإضافة إلى فرض "حالة نقص الأكسجة" على جهاز القلب والأوعية الدموية المتضرر، لن يتمكن المرضى الذين يعانون من قصور في القلب من حماية هذا العضو من تسلل الجسيمات الفيروسية التي تسبب التهاب عضلة القلب، وهو التهاب يتطلب تدخلات مكثفة في الظروف العادية. وأخيرًا، كان يُنظر إلى الآثار الالتهابية المتزايدة لعناصر الكيموكينات المتداولة والبروتينات الأخرى مثل بروتين "تروبونين 1" القلبي، باعتبارها مسؤولة عن موت الخلايا القلبية الناتج عن الخلايا، الذي يؤدي كذلك إلى ارتفاع معدلات وفاة الحالات. 

ورغم الأدلة الدامغة على أن جهاز القلب والأوعية الدموية الضعيف يفاقم من الجهود التي يبذلها الجسم للدفاع عن نفسه ضد الفيروسات، هناك أسئلة لا تزال قائمة حول سبب ارتفاع إمكانية تعرض مرضى القلب والأوعية الدموية للآثار الأكثر خطورة لفيروس كوفيد-19 مقارنةً بالأفراد الآخرين. وهل هناك صلة، على سبيل المثال، بين هذه النتائج والأدوية التي توصف لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية؟
في محاولة للإجابة على هذا السؤال والأسئلة ذات الصلة، يبني العلماء تحليلهم على نظام قفل المفاتيح الذي تقوم الفيروسات باختراق الخلايا من خلاله. ويعتمد هذا النظام على بروتين رئيسي يُشار إليه باسم النوع الثاني من الإنزيمات المحولة للأنجيوتنسين، الذي يوجد عادةً على سطح العديد من أنواع الخلايا التي يتكون منها الجسم، بما في ذلك الجهاز الرئوي وجهاز القلب والأوعية الدموية. وهذا البروتين هو المسار الذي تفتح الجسيمات الفيروسية "المسامير البروتينية" من خلاله الخلايا البشرية لتمهيد الطريق لدخول الفيروس.

والأدوية التي تُستخدم عادةً في علاج المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، لا سيَّما الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، هي مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، الإنزيم الشقيق للنوع الثاني من الإنزيمات المحولة للأنجيوتنسين. ومع ذلك، تؤدي الأدوية التي تمنع نشاط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين إلى زيادة إفرازات النوع الثاني من الإنزيمات المحولة للأنجيوتنسين، الذي يكون له تأثيرات مفيدة متعددة من بينها المساعدة في خفض معدل ضغط الدم، والحماية كذلك من الإصابات الرئوية الحادة، التي يمكن أن تحدث بسبب الفيروسات الشبيهة لفيروس كوفيد-19. 

وقد حثت جمعية القلب الأمريكية، والجمعية الأوروبية لأمراض القلب، وغيرها من المنظمات الدولية للقلب والأوعية الدموية، مؤخرًا، على الحد من استخدام مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين في الوقت الحالي. وببساطة، لا توجد مؤشرات قوية على أن فيروس كوفيد-19 يميل إلى إصابة الأفراد الذين يتناولون هذه الأدوية. كما يحذر العلماء والأطباء الجمهور من اتخاذ قرار شخصي بالتوقف فجأة عن تناول الأدوية الموصوفة لهم.

وعلى الرغم من ذلك، يجب على الأفراد الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية أن يكونوا أكثر حذرًا، وأن يلتزموا بشكلٍ صارمٍ بالتوصيات الصادرة عن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ومنظمة الصحة العالمية بشأن فيروس كوفيد-19. ويجب أن نتذكر أيضًا أن الأشخاص الذين يعتنون بنا وبصحة قلوبنا هم مهنيون يتمتعون بخبرات ومعرفة متعمقة، حيث إنهم يهبون قلوبهم لنا لإنقاذ قلوبنا.

Hamad Bin Khalifa University

أخبار متعلقة

من كوفيد-19 إلى طوكيو 2021: كيف سيعود الرياضيون إلى مضامير المنافسات؟

ما هو تأثير تأجيل عقد دورة الألعاب الأولمبية الصيفية بطوكيو إلى يوليو 2021 على جداول تدريب الرياضيين؟ ومع تخفيف الإغلاق تدريجيًا، كيف ستتطور تدريباتهم وتكيفهم واستعداداتهم على المدى الطويل للمشاركة في أكبر حدث رياضي في العالم؟

أين نحن من لقاح فايزر؟

شاركت شركة التكنولوجيا الحيوية "بيونتيك"، المملوكة لزوجين ألمانيَين من أصلٍ تركي هما الدكتور أوغور شاهين وأوزليم توريتشي، بعض الأخبار الواعدة مع شركة فايزر في أعقاب السباق الأكثر احتدامًا في العالم على التوصل للقاح للتحصين ضد فيروس كوفيد-19.