مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ينظم طاولة مستديرة عن بعد

مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ينظم طاولة مستديرة عن بعد بالتعاون مع كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة

09 مارس 2021

تحت عنوان " الأقليات وتصاعد خطاب الكراهية في الغرب: الأسباب والحلول"

مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ينظم طاولة مستديرة عن بعد بالتعاون مع كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة

نظَّم مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، بالتعاون مع كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، يوم الأربعاء الماضي، طاولة مستديرة بعنوان "الأقليات وتصاعد خطاب الكراهية في الغرب: الأسباب والحلول" بمشاركة خبراء وباحثين ومهتمين من داخل قطر وخارجها. ونظرًا للظروف الاستثنائية التي حالت دون الاجتماع المباشر للمتحدثين والمشاركين نتيجة أزمة انتشار فيروس كورونا، وحِرصًا على سلامة الجميع؛ فقد عُقدت هذه الجلسة عبر الإنترنت.

جاءت هذه الطاولة المستديرة في جلستين رئيسيتين، حيث تناولت الجلسة الأولى خطاب الكراهية وتأثيره على مجتمعات الأقليات، بينما استكشفت الجلسة الثانية الحلول المتنوعة لمواجهة هذا الخطاب مع التركيز على الحوار بين الأديان؛ لأنَّ الحوارَ الدينيَّ صار اليوم ضرورةً أكثرَ إلحاحًا؛ لمواجهة التطرُّفِ والغلوِ والتعصب، وهو ضرورةٌ كذلك لبيان حقيقة الأديان ورفضِها للصراع والتصادم وكلِّ من يدعو إليهما.

وقد شارك سعادة الأستاذ الدكتور إبراهيم صالح النعيمي، رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ووكيل وزارة التعليم والتعليم العالي، في هذه الطاولة بصفته متحدثًا، وفي ورقته التي طرحها خلال جلسات الطاولة المستديرة، قال الدكتور النعيمي: "إن النزاعات الأيديولوجية تؤثر بلا شك في تأجيج نيران هذا العداء والصراع الناشئ في الحقيقة عن أفهام مغلوطة وأحكام مسبقة وتصورات ذهنية خاطئة تجاه بعضنا البعض"، وأضاف قائلاً: "أفرزت الأفكار المنحرفة التي تواجه عالم اليوم وتدعمها الكراهية الدينية والقومية نماذج متطرفة تحارب فكرة الحوار والتعايش السلمي وتؤجج نيران الصراع بين الحضارات ومن بينها ظاهرة الإسلاموفوبيا". 

وشدد الدكتور النعيمي على أنه لا سبيل لمواجهة هذه الأفكار والظواهر المنحرفة إلا بالحوار الذي دعت إليه كل الأديان وحتى الفلسفات الوضعية، والقوانين الدولية، انطلاقا من مبدأ احترام الآخر والاعتراف بحقوقه وحريته الدينية والمدنية ورفض الصراع والتصادم وكل من يدعو إليهما، وخلق روح السلام بين كافة البشر على اختلاف أجناسهم ودياناتهم والاتفاق على قيم إنسانية مشتركة تهدف للتعايش والتسامح والتعاون والسلام، كما أكد على أن "مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا ومعالجة أسبابها أمر ملح في ظل تصاعد المظاهر العدائية ضد الأقليات المسلمة في الغرب، مشددًا على استمرار مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في جهوده لنشر ثقافة الحوار بين الأديان، وتعزيز قيم التسامح ومواجهة التطرف ونشر ثقافة السلام انطلاقا من دور قطر العالمي وجهودها في هذا السياق".

وترأس جلستي الطاولة المستديرة الدكتور يوسف وليد مرعي، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية في جامعة حمد بن خليفة، الذي افتتح الطاولة بعد الترحيب بالمتحدثين قائلاً: "لقد شهدت السنوات الأربع الماضية حول العالم تصعيدًا حادًّا وغير مسبوقٍ لخطاب الكراهية وأعمال العنف ضد الأقليات الدينية والعرقية. ولعل من بين الأسباب الرئيسية لذلك الجهل بالآخر، وتفكك الروابط الاجتماعية والسياسية، والقومية المسعورة، وما نشهده من مصطلح تفوق البيض، وكذلك للأسف ممارسات بعض القادة السياسيين الذين يشجعون من خلال خطابهم الشعبوي على التحريض ضد الأقليات الدينية والعرقية.

وطرح الدكتور مرعي تساؤلات مهمة بنيت عليها محاور النقاش للمتحدثين حول الأسباب الكامنة وراء تصاعد التحريض وخطاب الكراهية ضد الأقليات في كافة المجتمعات بصورة عامة وفي الغرب ضد الأقليات المسلمة بصورة خاصة، ودور الدين لتحقيق التماسك الاجتماعي، وبناء مجتمعات أكثر تسامحًا واندماجًا، وإعادة اكتشاف التعددية الدينية الموجودة في هذا العالم.

بدوره، قال الدكتور فرناند دي فارين، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بقضايا الأقليات في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بمنظمة الأمم المتحدة: "يؤثر خطاب الكراهية بشكل كبير على الأقليات في الغرب ومناطق أخرى حول العالم."، منبهًا إلى أن مثل هذا الخطاب قد يؤدي إلى فظائع كبيرة ومنها ارتكاب أعمال إبادة"، ومؤكدًا على أن منظمة الأمم المتحدة تضع هذه الظاهرة في صلب اهتمامها ولديها استراتيجية لمواجهة خطاب الكراهية، مضيفًا بأن "هذا تسونامي و جائحة تؤثر على العالم كله ولا بد من التصدي لها".  

وحذر الدكتور دي فارين من تصاعد خطاب الكراهية وانتشار المظاهر العدائية في الشبكات الاجتماعية ومواقع التواصل الاجتماعي، وقال: "أصبحت هذه المنصات آليات الدعاية الأقوى في التاريخ وباتت تُستخدم في نشر خطاب الكراهية وتعزيز التطرف اليميني واليساري على السواء وخلق مناخ عدائي يؤدي إلى العنف".

وتابعت النقاش الدكتورة جوسلين سيزاري، أستاذة زائرة بجامعة هارفارد الأمريكية وجامعة بيرمنجهام البريطانية، موضحةً أن "هناك سببين أساسيين لتصاعد خطاب الكراهية ضد الأقليات في أوروبا، وهما خصوصية الثقافة العلمانية الأوروبية، والنظر للمسلمين الأوربيين على أنهم مهاجرين فقط وليسوا مواطنين أصليين".

واختتمت الجلسة الأولى بكلمة للقس الدكتور متري الراهب،  رئيس جامعة دار الكلمة في فلسطين، الذي ركز فيها على أثر الصهيونية المسيحية في تصاعد خطاب الكراهية، موضحًا مفهومها وأهدافها والبعد العاطفي فيها عند المسيحيين الذين يوافقون أغراضها.

وتناولت الجلسة الثانية سبل تعزيز التعايش المشترك من خلال حوار الأديان كأحد أهم الحلول للتصدي لخطاب الكراهية ضد الأقليات ومواجهته. وكان أول المتحدثين الشيخ الدكتور عبد الحكيم مراد، محاضر في الدراسات الإسلامية بكلية اللاهوت في جامعة كامبريدج البريطانية، الذي قال: "لقد حاولت أوروبا التصدي لخطاب الكراهية على نحو مؤسساتي؛ ولكن للأسف ما زال هذا الخطاب في تنامٍ وتصاعد بدول أوروبية عديدة". وأضاف: "لا تكمن المشكلة في الممارسات المتحيزة ضد الأقليات فقط، وإنما كذلك في وجود ما يعمق هذا الخلاف بين الأقليات أنفسهم."

وتابعت النقاش الدكتورة  عزة كرم، الأمين العام لمنظمة أديان من أجل السلام بالولايات المتحدة الأمريكية، التي سلطت الضوء على "مدى ضعف الأثر الفعلي للمؤسسات الدينية؛ وذلك لارتباط معظمها بشكل مؤسساتي حكومي تابع لدولتها، كما تطرقت إلى أن "جائحة كورونا كانت سببًا في عدم الالتفات المرجو من الحكومات والدول لقضايا الأقليات".

وتحدث مجددًا الدكتور فرناند دي فارين، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بقضايا الأقليات، موضحًا بأن "الأمين العام للأمم المتحدة يضع من أولوياته مواجهة خطاب الكراهية خاصة ضد الأقليات، وهذا ما جعله يعين مقررا أمميا خاصا بقضايا الأقليات".  

وقد شاركت في هذه الجلسة الدكتورة لينا لارسن، مديرة تحالف أوسلو المتعلق بحرية الدين أو المعتقد في المركز النرويجي لحقوق الإنسان بجامعة أوسلو النرويجية، حيث ركز حديثها على تعريف خطاب الكراهية وأشكاله وكيفية التصدي له وتعزيز حرية الاعتقاد، كما أكدت على أنه "لا يمكن مواجهة خطاب الكراهية فقط من خلال الزعماء الدينيين؛ وإنما هي مسؤولية متكاملة لكافة المعنيين بالقضية وحتى المواطنين والأقليات أنفسهم"، وأشارت إلى أن "تجربتها في تحالف أوسلو قد ارتكزت على برامج تعزيز التعليم ووجود مناهج دراسية ملزمة تشمل حرية المعتقد وعدم التمييز وتوفير سبل المعرفة للأطفال".

واختتمت الجلسة الثانية بكلمة الدكتور كريج كونسيدين، مدرس علم الاجتماع ومتخصص في العلاقات المسيحية الإسلامية بجامعة رايس الأمريكية، حيث ركز بدوره على أن علاج خطاب الكراهية يرتكز في تعميق مسار العلاقة بين المسلمين والمسيحيين المبنية على استبدال خطاب الكراهية بما أسماه خطاب الشرف الذي يجعل من الطابع الإنساني أساسا له وليس الهوية الدينية والقومية والإثنية.

وقد شهدت الطاولة المستديرة نقاشات مستفيضة حول المحورين الأساسيين للندوة، تخللها أسئلة حوارية من الدكتور يوسف مرعي الذي نقل بدوره كذلك أسئلة المشاركين.

وفي ختام الطاولة المستديرة، طالب المشاركون بتعزيز حوار الأديان والثقافات ومواجهة الأفكار المتطرفة الداعية إلى الصراع الحضاري، والحد من التشوهات التي أصابت الكثير من السياسات الخاصة بالأقليات والمهاجرين في عدد من دول العالم المتقدم خلال السنوات الأخيرة.