تعزيز ثقافة البحوث القانونية في قطر

تعزيز ثقافة البحوث القانونية في قطر

12 يونيو 2022

الدكتور جورجيوس ديميتروبولوس، أستاذ مشارك في القانون وعميد مشارك للشؤون الأكاديمية، كلية القانون، جامعة حمد بن خليفة

تعزيز ثقافة البحوث القانونية في قطر

حصل الدكتور جورجيوس ديميتروبولوس على جائزة "أستاذ القانون المتميز لعام 2021" من منتدى قطر للقانون تقديرًا لدوره في إطلاق برنامج الدكتوراه في العلوم القانونية، وهو أرفع برنامج تطرحه كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة. وقد أجرينا معه هذا الحوار لاستعراض مساهمات الجامعة في إثراء ثقافة البحوث القانونية في قطر، لا سيما من وجهة نظره بصفته مدير برنامج الدكتوره في العلوم القانونية وباحث في القانون الاقتصادي الدولي وتسوية المنازعات.

ما الذي دفعك للقدوم إلى قطر وجامعة حمد بن خليفة؟ 

إذا كان عليَّ أن أسلط الضوء على عامل واحد، فسيكون ذلك هو المدينة التعليمية ومنظومتها المثيرة للإعجاب. فمن غير المسبوق أن يعمل المرء بالقرب من أفضل الجامعات، وأن يكون جزءًا من بيئة تعليمية رائعة وحيوية وأن يشارك فيها.

وقبل التحاقي بجامعة حمد بن خليفة، شغلت منصب زميل أبحاث أول بمعهد ماكس بلانك في لوكسمبورج. وأتاحت احتمالية التحاقي بجامعة حمد بن خليفة - وكلية القانون فرصةً كبيرةً للمشاركة في بناء مؤسسة تعليمية جديدة. كما كانت ديناميكية المؤسسة هي العامل الأساسي وراء قراري بالانتقال إلى العمل بالجامعة. 

أخبرنا عن مشاركتك في إنشاء برنامج الدكتوراه في العلوم القانونية

في عام 2018، عُينت سوزان كارامانيان عميدًا جديدًا لكلية القانون. وكان برنامج دكتور في القانون قيد التنفيذ، وهو البرنامج الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأحد البرامج القليلة من نوعها خارج الولايات المتحدة. وتحدث معنا مكتب وكيل الجامعة حول تطوير برامج جديدة، وبناءً عليه منحت عميد الكلية تفويضًا لأعضاء هيئة التدريس، بما في ذلك الدكتورين داميلولا أولاوي وإيلياس بانتيكاس لدراسة هذا الأمر. وشرعنا في البناء على التقليد الذي رسخناه باتباع أسلوب التعليم الأمريكي، حيث يؤدي كل من برنامج دكتور في القانون وبرنامجا الماجستير في القانون الاقتصادي والتجاري الدولي والقانون الدولي والشؤون الخارجية إلى طرح برامج بحثية للدكتوراه.

وعند تطويرنا لبرنامجي الماجستير في القانون الاقتصادي والتجاري الدولي والقانون الدولي والشؤون الخارجية وبرنامج الدكتوراه في العلوم القانونية، أجرينا أبحاثًا مقارنةً مكثفةً قبل اختيار الجوانب التي اعتبرناها الأفضل من الأنظمة المختلفة. وأطلقنا برنامجي الماجستير في القانون الاقتصادي والتجاري الدولي والقانون الدولي والشؤون الخارجية في عام 2019 مع التفكير في إطلاق برنامج "الدكتوراه في القانون" بعدها بعام لإتاحة إمكانية التطور الطبيعي من برنامج دكتور في القانون، إلى برنامجي الماجستير في القانون الاقتصادي والتجاري الدولي والقانون الدولي والشؤون الخارجية، ومن ثم إلى برنامج الدكتوراه في العلوم القانونية.

وبمجرد حصولنا على موافقة من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، انطلقنا للعمل على صياغة البرنامج والسياسات الخاصة به وهيكله، وكان من الطبيعي أن أصبح مديرًا للبرنامج. ثم انتشرت جائحة فيروس كوفيد-19، ولكننا تمكنَّا أخيرًا من إطلاق البرنامج في يونيو 2021.

ولدينا حاليًا ثلاثة طلاب متميزين في برنامج الدكتوراه في العلوم القانونية. وقد تخرج هؤلاء الطلاب في ثلاث دفعات مختلفة من برنامج "دكتور في القانون"، حيث يشكلون "فريق الأحلام" لخريجي البرنامج. ويدرس طالبان في الدفعة الحالية تأثير التكنولوجيا المبتكرة على القانون وعملية صنع السياسات والمجتمع، حيث يتخصص أحدهما في دراسة تأثير هذه التكنولوجيا على القانون في مجال الرعاية الصحية والآخر في مجال التجارة في الخدمات؛ بينما يدرس الطالب الأخير تأثير الشريعة الإسلامية على قانون البناء الدولي. وأتوقع أن تساهم أطروحات هؤلاء الطلاب في تحقيق تقدم مهني كبير لهم في هذا الجزء من العالم وأن يتخطى نطاق تأثيرها ما هو أبعد من ذلك.

لماذا تنصح الطلاب بالالتحاق ببرنامج الدكتوراه في العلوم القانونية في الأجواء الحالية؟

 الدكتور جورجيوس ديميتروبولوسيتميز هذا البرنامج بتفرده بين جميع البرامج الأكاديمية التي تقدمها جامعة حمد بن خليفة من حيث أسلوب التعلم. ولكن تبرز ثلاثة جوانب تعزز من هذا التفرد. أولاً، نحن نعمل على طرح بحوث متطورة للغاية في القانون مع التركيز على الترابط بين التخصصات المتعددة في جزء من العالم ليس لديه تقليد راسخ في الربط بين التخصصات المتعددة في مجال التعليم القانوني.

والبرنامج مخصص للطلاب الذين يتطلعون إلى إجراء بحوث تحليلية للغاية ومتعددة التخصصات ومقارنة حول موضوع معين يثير اهتماماتهم ويتناول القضايا المهمة وذات الصلة. ومن الواضح أن هذا البرنامج بحثي وأكاديمي للغاية، لكننا مهتمون أيضًا بالجوانب العملية والمتعلقة بالسياسات، بالإضافة إلى تطوير تركيز الطلاب على المسؤولية المهنية.

ويتبع المنهج أفضل الممارسات مع تجاوزه لهذا الحد. ويحتوي الفصل الدراسي الأول على مقرر في طرق البحث المتقدمة في القانون أقوم بتدريسه بالاشتراك مع زميلتي عائشة النعمة، المحاضِرة في الكلية، بينما يحتوي الفصل الثاني على مقرر بعنوان أخلاقيات قانونية عالمية متقدمة. وكلاهما يعتمد على المقررات التي تُدَّرس في برنامجيَّ الماجستير.  

ونحن نعلم الطلاب كيفية إجراء بحوث قانونية متميزة، فعلى سبيل المثال نحن ندرس المقالات القانونية التي تتصدر قائمة المقالات الأكاديمية الأكثر اقتباسًا. ونادرًا ما تجد مقررًا منهجيًا قانونيًا مماثلاً في برامج الدكتوراه الأخرى، وهو ما يجعل ذلك من الجوانب المبتكرة في برنامج الدكتوراه في العلوم القانونية. ورغم أن ذلك قد يبدو غريبًا، إلا أنه يبدو أيضًا السبب وراء عدم امتلاك المحامين بالضرورة لمنهجية قانونية دقيقة للغاية. ونحن نحاول تصحيح ذلك الأمر مع طلابنا.

والجانب الثاني هو الندوة الأكاديمية التي يقودها طلاب برنامج الدكتوراه في العلوم القانونية، حيث يصمم الطلاب الندوة حسبما يتراءى لهم. ويمكنهم توجيه الدعوة لمتحدثين بعينهم أو مناقشة أطروحاتهم وأبحاثهم المهمة، وهو ما يوفر بيئة خالية من ضغوط قاعات الدراسة، حيث يمكنهم تلقي التعليقات على أبحاثهم وكذلك الحصول على إرشادات حول تطورهم المهني. 

والجانب الثالث هو أننا نستفيد من منظومة المدينة التعليمية والتنوع قدر الإمكان، حيث تمنح لجنة الإشراف على الدكتوراه طلاب البرنامج فرصة اختيار مشرف من داخل المدينة التعليمية.

ما نوع الطلاب الذين ترغبون في استقطابهم للبرنامج؟

نحن نهدف في الغالب إلى استقطاب خريجي برنامج "دكتور في القانون" أو برامج الماجستير في القانون التي تقدمها جامعة حمد بن خليفة، بحيث نكون على ثقة من أن الطلاب قد حازوا على المقررات التأسيسية والتعليم القانوني الشامل متعدد التخصصات اللازم لإكمال البرنامج في ثلاث سنوات، وهو شرط صارم للغاية. ولا بد أن يكون لدى الطلاب اهتمام قوي بالمشاركة الأكاديمية في موضوع بحثي من اختيارهم.

وتتميز جامعة حمد بن خليفة بتوجهها البحثي، ودائمًا ما يكون التزامنا تجاه المجتمع الأكاديمي في أذهاننا. ونرغب في أن يقدم الطلاب، الذين سيتمتعون بوضع يسمح لهم بنشر أبحاثهم في أفضل منافذ النشر وفي المجلات والكتب المؤثرة وما إلى ذلك، مساهمات أصيلة وجوهرية لمجال الأبحاث القانونية.

ما النصيحة التي تقدمها للطالب الذي يفكر في متابعة مسيرته المهنية في مجال الأبحاث القانونية؟

ابدأ عبر تحديد المجال القانوني أو المسألة التي تهتم بها كثيرًا، ومن ثم فكر فيما إذا كنت مستعدًا للتضحية وتخصيص جزء كبير من حياتك لدراسة هذا المجال القانوني. وسوف يرافقك بحثك عندما تكون نائمًا أو مستيقظًا، وفي العمل، وفي الجامعة، وفي عطلات نهاية الأسبوع أو العطلات الرسمية، ذلك أن البرامج البحثية مخصصة للأشخاص الذين يكرسون حياتهم بالكامل لدراسة وتطوير القضية القانونية التي يرون أنها مهمة.

هل تعتقد أن من المهم للطلاب ربط دراساتهم بمجال عملهم؟

هناك دائمًا مجال يتيح للطلاب ربط أبحاثهم بأدوارهم المهنية. وتحظى الجوانب العملية والمتعلقة بالسياسات بأهمية، لا سيما مع تركيز جامعة حمد بن خليفة والكلية (في ضوء تطورها التاريخي) على الربط بين التخصصات المتعددة. ومع ذلك، فإن نقطة انطلاقنا ورؤيتي الخاصة هي أن يتفاعل طلاب برنامج الدكتوراه في العلوم القانونية مع الأفكار الرفيعة المتعلقة بالمشاكل العملية والقضايا الشائكة فكريًا.

نُشر مؤخرًا كتابك "المحاكم التجارية الدولية" عن دار جامعة كامبريدج للنشر. فهل هناك ذكريات بارزة أخرى في حياتك المهنية تود مشاركتها معنا؟

خلال فترة الجائحة، حصلت على شهادة دكتوراه ثانية من كلية الحقوق في جامعة ييل، كما حصلت على شهادة ماجستير في القانون. وكنت قد حصلت على شهادة الدكتوراه الأولى في القانون من جامعة هايدلبرج في ألمانيا.

عندما انتشرت جائحة كوفيد-19، شعرت أنا وعائلتي بعدم الاستقرار مثل جميع الأشخاص الآخرين. وما زلت أتذكر اليوم الذي أخبرت فيه الجامعة أعضاء هيئة التدريس بتحويل الدراسة وتقديمها عبر شبكة الإنترنت، حيث كان ذلك مجرد البداية لأسلوب حياة جديد.

وكانت هذه الأسابيع الثلاثة الأولى صعبة ومرهقة علينا جميعًا. وقد سعيت جاهدًا إلى التأقلم مع الوضع الجديد وتمكنت من العودة إلى أبحاثي. وكان جدولي الزمني يتمثل في الاستيقاظ مبكرًا جدًا، والعمل على أطروحتي لمدة ست ساعات، ثم البدء في أداء مسؤولياتي الأكاديمية والشخصية. وبشكل عام، كانت الأبحاث هي استراتيجيتي للحفاظ على نشاطي الأكاديمي.