لا شك أن الاعتدال الديني والشخصية المتوازنة أحد أهم المطالب التي ينشدها كافة العقلاء وتتوخاها وتسعى إليها كل المجتمعات، غير أن تحقيق هذا المطلب أصبح غاية في الصعوبة في عصرنا الحالي، إذ يؤدي الخروج عن الاعتدال والتوازن إما إلى إفراط وغلو أو إلى تفريط وتقصير، وهذه هي السمة الأبرز في هذا العصر، ونتج عن ذلك غياب الشواهد الحضارية لأمة الإسلام والتي تعتمد بالأساس على وسطيتها واعتدالها. يقول الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾، (البقرة: 143).
وعلى الرغم من كثرة النقاش الدائر داخل صفوف التيار الديني وخارجه حول كيفية حل هذه المعضلة وتعزيز الاعتدال الديني وبناء الشخصية المتوازنة، إلا أن هذا الموضوع لا يزال بحاجة إلى تناول وتحليل دقيق يقدم فهمًا أعمق وخطة عمل واضحة حول سُبل تحقيق هذا المطلب المنشود، ومن هنا جاءت هذه الندوة.