المكاسب الثقافية لبطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022
The Cultural Gain of the FIFA World Cup Qatar 2022

المكاسب الثقافية لبطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022

الدكتورة كاميلا سوارت، أستاذ مشارك، كلية العلوم والهندسة

The Cultural Gain of the FIFA World Cup Qatar 2022

مع اقترابنا من استضافة منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم لأول مرة في العالمين العربي والإسلامي، هناك شعور متزايد بالإثارة والترقب بشأن الآفاق التي سيبلغها هذا الحدث الضخم على مستوى العالم.

ويميل تركيز الدول المستضيفة عند استضافتها لفعاليات بهذا الحجم في الغالب إلى التركيز على الآثار الاقتصادية ومشاريع تطوير البنية التحتية بينما لا تولي دائمًا نفس القدر من الاهتمام للجوانب الاجتماعية أو الثقافية. وأود أن أسلط الضوء على هذا الموضوع المهم، وهو الأثر الثقافي وإرث بطولة كأس العالم قطر 2022، مع العودة بالذاكرة إلى بطولة كأس العالم لكرة القدم التي نظمتها جنوب إفريقيا في عام 2010.

فقد مثلت استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2010 مصدر فخر لدولة جنوب أفريقيا، حيث عززت هذه البطولة التماسك الاجتماعي وأتاحت فرصةً لعرض مقومات البلاد كوجهة سياحية مهمة وتسليط الضوء على طيبة شعبها وعراقة ثقافتها. وبالتأكيد، يمكن قول الشيء نفسه عن دولة قطر.

ومثل ما هو الحال بالنسبة لقطر، أُتيحت لجنوب أفريقيا الفرصة لتغيير المفاهيم المغلوطة عنها، حيث كانت البلاد قد واجهت الكثير من الانتقادات في الفترة التي سبقت استضافتها لبطولة كأس العالم، خصوصًا في وسائل الإعلام الغربية، بشأن ارتفاع معدلات الجريمة، بالإضافة إلى مخاوف تتعلق بالسلامة والأمن. ويميل الناس إلى امتلاك وجهات نظر صارمة للغاية حول وجهات معينة حتى وإن لم يسبق لهم زيارتها. وقد جرت العادة بأن الصور النمطية الشائعة المرتبطة بأفريقيا هي صور الفقر وانتشار فيروس نقص المناعة البشرية 'الإيدز'، وبالتالي صُنفت بطولة كأس العالم لكرة القدم 2010 كذلك على أنها "كأس العالم الأفريقية" واعتُبرت مناسبةً لتغيير المفاهيم الدولية المغلوطة عن القارة السمراء.

وفي حالة قطر، تلقت البلاد الكثير من اللوم في مجال حقوق الإنسان، حيث أن المنطقة بأكملها غالبًا ما ترتبط بدعاوى الإرهاب والصور النمطية المعادية للإسلام. وتتيح بطولة كأس العالم لكرة القدم فرصةً لاستقطاب أسواق جديدة وزوار لم يكونوا ليختاروا عادةً زيارة دولة قطر. وبمجرد وصولهم إلى هنا، سيعاين هؤلاء الزوار كرم الضيافة المتأصل في الثقافتين القطرية والعربية. وسيؤدي ذلك بالتالي إلى إطلاق حملة دعائية إيجابية تتناقلها الألسن تشجع على تكرار الزيارات وتحث الآخرين على زيارة البلاد. علاوة على ذلك، فإنه سيوفر فرصةً لتبديد الخرافات وشن تغطية إعلامية مواتية للغاية. وتمامًا مثل ما حدث لجنوب أفريقيا، ستصبح قطر وجهة معروفة ومفهومة للزوار والسياح بشكل أفضل.

ومن وجهة نظري بصفتي مقيمة في دولة قطر، تقدم بطولة كأس العالم لكرة القدم فرصةً لتعزيز مشاعر الفخر المجتمعي والوطني وتوطيد التماسك الاجتماعي. ورغم أن هناك مشاعر إيجابية لدى المواطنين والمقيمين بشكل عام، كما هو الحال مع تنظيم جميع الفعاليات الضخمة، هناك مخاوف بشأن الازدحام المروري، وبالنظر إلى الطبيعة المضغوطة لمنافسات بطولة كأس العالم، تُشكل هذه المخاوف مصدر قلق أكبر. ولكونها دولة إسلامية، هناك أيضًا مخاوف من احتمالات بيع المشروبات الكحولية في الملاعب.

وكما هو الحال مع أي فعالية ضخمة، هناك آثار إيجابية وسلبية. والمهم هو كيف ستخفف هذه البطولة من الآثار السلبية وتستفيد من الموروثات الإيجابية. وتُعدُ الرياضة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة القطرية، ومن المؤكد أن توظيف بطولة كأس العالم لكرة القدم بهدف تعزيز المشاركة وتشجيع أنماط الحياة الصحية في جميع قطاعات المجتمع هي جوانب يجب أن تستمر. ويمكن أن تكون بطولة كأس العالم حافزًا لتنمية الثقافة الرياضية في العالم الإسلامي يمكن أن تستفيد منها الفعاليات الضخمة المقبلة مثل دورة الألعاب الآسيوية لعام 2030 لضمان تحقيق نتائج أكثر استدامة على المدى الطويل.