الدوري الإنجليزي الممتاز يفتح آفاقا جديدة في احترام التنوع الديني للاعبين

قرار بإيقاف مؤقت للمباريات للسماح للاعبين المسلمين بالصيام والإفطار طبقًا للمواقيت الإسلامية

الهيئة:  كلية العلوم والهندسة
الدكتوة كاميلا سوارت أريس

في خطوة وُصفت بالتاريخية، قام الدوري الإنجليزي الممتاز مؤخرا بتعزيز مكانته الرياضية على مستوى العالم، بإصداره تعليمات للحُكام في أكبر بطولتين لكرة القدم في إنجلترا، بإيقاف المباريات مؤقتًا خلال شهر رمضان المبارك، بهدف السماح للاعبين المسلمين بالصيام والإفطار طبقًا للمواقيت الإسلامية، ويمثل هذا القرار علامة فارقة في الاعتراف بالعبادات والطقوس الدينية للرياضيين واستيعابها.

ومع وجود ما يقدر بنحو 250 لاعبًا مسلمًا في فرق الدرجة الأولى والأكاديميات المشاركة في بطولات كرة القدم الإنجليزية الأربعة الكبرى، فإن القرار يحمل أهمية كبرى، وبفضل هذه الخطوة التي اتخذها الدوري الإنجليزي الممتاز، أصبح بإمكان اللاعبين النجوم الحاليين مثل محمد صلاح لاعب ليفربول، ورياض محرز لاعب مانشستر سيتي، وحكيم زياش لاعب تشيلسي، الالتزام بعباداتهم الدينية، وفي نفس الوقت الاستمرار في تفوقهم الرياضي.

وتعليقًا على أهمية هذا القرار، قالت الدكتورة كاميلا سوارت أريس، الأستاذ المشارك ومدير برنامج الأنشطة الرياضية والفعاليات في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة: "إن تحرك الدوري الإنجليزي الممتاز لإيقاف المباريات مؤقتا واستيعاب اللاعبين المسلمين خلال شهر رمضان يؤكد على أهمية الاعتراف بالشمولية والتنوع في المجالات الرياضية وتعزيزهما".

ومن خلال السماح بتوقف المباريات ولو لدقائق، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز، والدوري الإنجليزي الدرجة الثانية لكرة القدم، يعترف بتفاني والتزام اللاعبين المسلمين خلال شهر رمضان، حيث لا يضمن القرار سلامتهم الجسدية فحسب، بل يعزز أيضا بيئة تحترم معتقداتهم الدينية وتعزز الشعور بالانتماء داخل فرقهم، كما يُمكِّن اللاعبين من تقديم أداءٍ أفضل دون المخاطرة بصحتهم، من خلال إتاحة تناول الطعام والماء عند وقت الإفطار.

وبالنسبة للمشجعين، فإن هذا القرار يُجسد رسالة التسامح والاحتواء التي ينبغي أن تسود في البطولات الرياضية، مما يساهم في تعزيز التنوع الديني والثقافي الكبير في مجتمع كرة قدم، كما أنه يمثل فرصة للمشجعين لتعميق فهمهم عن شهر رمضان واكتساب نظرة ثاقبة للممارسات الثقافية والعبادات الدينية للاعبيهم المسلمين المفضلين.

ورغم أن تأثير هذا القرار على الرعاة التجاريين قد يكون ضئيلًا، إلا أنه يمكن اعتبار هذا القرار خطوة إيجابية لإبراز صورة أكثر شمولًا وتنوعًا لعلاماتهم التجارية، من خلال مواكبة السُمعة المرموقة للدوري الإنجليزي الممتاز كمؤسسة مسؤولة اجتماعيًا تدعم التنوع الثقافي والديني، مما يعزز من الصورة الايجابية للرعاة ويساهم في جذب جمهورا أوسع لمنتجاتهم وخدماتهم.

لكن في المقابل، ليست كل الاتحادات الوطنية لكرة القدم تسير على هذا النهج، حيث أعلن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم أنه سيحظر الإيقاف المؤقت للمباريات التي يشارك فيها لاعبين مسلمين، ويستند قرار الاتحاد الفرنسي إلى اللوائح التي تؤكد على الاحترام الصارم لمبادئ العلمانية في كرة القدم.

وفي هذا الصدد تؤكد الدكتورة كاميلا أريس، قائلة: "في الوقت الذي تحترم فيه كلا من المملكة المتحدة وفرنسا حرية المعتقد والفكر، إلا أن لديهما تفسيرات مختلفة لكيفية التعبير عن ذلك في الحياة العامة، ففي فرنسا، يُنظر إلى الفصل الصارم بين الكنيسة والدولة على أنه حجر الزاوية في الديمقراطية والمساواة، في حين أنه في المملكة المتحدة يوجد تركيز أكبر على استيعاب التنوع الديني والسماح للأفراد بالتعبير بحرية عن معتقداتهم طالما أنه لا يمس حقوق الآخرين أو ينتهك قوانين المملكة، ومن المهم ملاحظة أن هذه صورة عامة، لكن هناك بالطبع وجهات نظر ومناقشات مختلفة في كل دولة حول كيفية تحقيق التوازن المناسب بين الدين والعلمانية".

وبغض النظر عن هذه الاختلافات، فإن قرار الدوري الإنجليزي الممتاز بالإيقاف المؤقت للمباريات خلال شهر رمضان ليس فقط شهادة على تطوره التدريجي ليصبح علامة تجارية رياضية عالمية بالفعل، ولكنه يدل أيضا على التزامه بمواكبة احتياجات ومعتقدات الرياضيين المسلمين في هذه الرياضة، بل ويؤسس لمعيار جديد للشمولية، وهو معيار ينبغي أن تحذو حذوه البطولات والهيئات والرياضية الأخرى.

وفي الوقت الذي يواصل فيه الدوري الإنجليزي الممتاز جهوده لتعزيز وجوده في العالم العربي، من خلال الشراكات مع الأندية العربية، وإطلاق المبادرات الرامية إلى تعزيز التنوع والشمولية، فإنه يهدف أيضا إلى مواكبة التطلعات المتنوعة للجماهير مع الاستمرار في معالجة التحديات الرياضية، فمن خلال تحقيق التوازن بين احترام التنوع الديني وقواعد لعبة كرة القدم، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز يسعى لتهيئة بيئة تُمكن جميع اللاعبين من الانطلاق لتحقيق بطولات عالمية، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية.