لبنات بناء الحياة: كيف يدفع علم الجينوم قطاع الرعاية الصحية HBKU

لبنات بناء الحياة: كيف يدفع علم الجينوم قطاع الرعاية الصحية

13 فبراير 2019

لبنات بناء الحياة: كيف يدفع علم الجينوم قطاع الرعاية الصحية

بعد أقل من عقدٍ على تأسيسها، مبتكرون شباب بالجامعة يحققون قفزات ملموسة في الطب الحيوي  

إذا ما حاولت البحث عن دلال أو منيرة، فمن الوارد أن تجدهما منهمكتين في العمل بالقرب من إحدى المعدات، أو في تقديم الاستشارة لأحد المرضى في المستشفى، أو في تشغيل أجهزة يصل وزنها وحجمها إلى ضعف أحجامهن تقريبًا بكل سلاسة ويسر.

هذا هو مجرى أحد الأيام في حياة كلتا الطالبتين المسجلتين حاليًا في البرنامج الأكاديمي الأحدث بكلية العلوم الصحية والحيوية، وهو برنامج علم الجينوم والطب الدقيق. وينقسم وقت دلال ومنيرة بالتساوي بين قاعات الدراسة وأحدث المرافق الطبية الموجودة في جهات عملهم. 

وقد كُرِمت هاتان الطالبتان على جهودهما، مؤخرًا، عندما اختيرا للمشاركة في برنامج المبتكرين الشباب التابع لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية (ويش)، وهي مبادرة انتقائية للغاية تسعى بشكل فاعل لاستقطاب النجوم الواعدة بدولة قطر في مجال الطب الحيوي وغيره من المجالات الطبية والصحية. 

تعزيز الطب الحيوي: مستقبل الطب الشخصي 

أطلقت كلية العلوم الصحية والحيوية، التابعة لجامعة حمد بن خليفة، أحدث برامجها في علم الجينوم بهدف المساهمة في تنفيذ الرؤية بعيدة المدى التي تسعى إلى تحقيق أفضل الإنجازات في مجال الطب الشخصي والدقيق، إدراكًا منها لطموحات دولة قطر بأن تصبح رائدًا للتميز في مجال توفير الرعاية الصحية. 

وتحصل الطالبتان على دعم غير مشروط من خلال برامج جامعة حمد بن خليفة، إلى جانب قدرتهما على الاستفادة من الموارد الرائعة التي تقدمها مؤسسة قطر. وتتمتع الطالبتان، اللتان تقضيان أوقاتهما بين الدراسة في الجامعة والعمل في مركز سدرة للطب ومؤسسة حمد الطبية، بوضع مناسب يؤهلهما لتطوير معارفهما النظرية والعملية، ويمنحهما توازنًا متناغمًا.   

وقالت دلال: "قطر دولة متعددة الثقافات، حيث ينتمي أغلبية مقدمي خدمات الرعاية الصحية فيها، لا سيما الممرضات، إلى دول مختلفة. وهناك مزايا واضحة لهذا الأمر، ولكنه يفرض كذلك العديد من التحديات غير المرئية.

وتتحدى دلال ومنيرة المحظورات الثقافية لأن مجال التمريض لا يحظى بشعبية لدى النساء العربيات. ولا تعمل دلال ومنيرة الآن على تغيير هذه العقلية فحسب، ولكنهن يوظفن معرفتهن أيضًا لتطوير مجموعة من البطاقات الآلية التي تضمن التواصل دون انقطاع بين المرضى ومقدمي خدمات الرعاية الصحية لهم.    

وقالت منيرة: "بصفتنا ممرضات، فإننا نلتقي العديد من المهنيين العاملين في مجال الرعاية الصحية ممن يعانون أثناء التواصل مع المرضى وعائلاتهم بسبب الحواجز اللغوية."  

ومن خلال سلسلة من المقابلات المدروسة بعناية، سعت دلال ومنيرة لاكتشاف بعض الرسائل الأكثر إلحاحًا التي كثيرًا ما تضيع خلال عملية الترجمة في أروقة المستشفيات. 

وقالت دلال ومنيرة: "كانت فكرتنا بسيطة ولكنها فعالة، حيث سعينا لإنتاج مجموعة من البطاقات باللغة العربية والإنجليزية لمساعدة المرضى على التواصل، بغض النظر عن اللغة التي يتحدثون بها. وقد أدى هذا إلى ولادة منتجنا، iCommunicate".

وقالت دلال: "قدمت لنا جامعة حمد بن خليفة دورةً دراسية حول ريادة الأعمال، والابتكار، والقيادة ضمن برنامج الماجستير. وقد حصلنا على الأدوات، والموارد، والمعرفة، والاهتمام والدعم المستمر طوال رحلتنا في جامعة حمد بن خليفة، واستفدنا كثيرًا من الأفكار المتعلقة بتسويق المنتجات." 

خبرة استثنائية: مد الجسور بين الدراسة الأكاديمية والطب 

وتسعى كلية العلوم الصحية والحيوية إلى تسريع البحوث ودراسات الجينوم مع النظر بعين الاعتبار إلى الوضعية والتركيبة الفريدة لدولة قطر. 

وقال الدكتور إدوارد ستونكر، عميد كلية العلوم الصحية والحيوية: "لقد أدركت كليتنا مبكرًا الارتباط المتزايد لعلوم الجينوم بقضايا الرعاية الصحية اليومية. ونحن نهدف، من خلال برامجنا الفريدة في علم الجينوم والطب الشخصي، إلى تعزيز الخبرات، عبر تنمية مهارات الطلاب، لتمكينهم من استخدام التقنيات الحديثة والمعلومات المكتسبة من خلالها في حياتهم العملية."   

وقد تمكنت كلية العلوم الصحية والحيوية، رغم حداثتها، من تعزيز الشراكات مع الجهات المعنية الرئيسية في القطاع الصحي، بما في ذلك برنامج قطر جينوم، بالإضافة إلى مركز سدرة للطب. ويتميز برنامجها في علم الجينوم بأنه الأول من نوعه في المنطقة.  

وضع الخرائط الوراثية: نهج متعدد التخصصات

اكتسبت إنجازات قطر في مجال الطب الحيوي زخمًا مع الكشف عن أول رقاقة جينية متكاملة في البلاد، تحمل أكثر من نصف مليون سلسلة جينية وعيّنة بشرية للحمض النووي الريبي. وقد جرى الكشف عن تلك الرقاقة للجماهير في النسخة الأخيرة من مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية (ويش).  

وقالت منيرة: "يسمح وضع الخرائط الوراثية للباحثين والعلماء بالمساعدة في تحديد جينات الخطر لمجموعة من الأمراض الكامنة، وهو ما يعني أننا سنتمكن من تطوير الطب الدقيق لطرح طرق علاجية خاصة بناءً على التركيبة الوراثية للمرضى، بالإضافة إلى التركيبة الوراثية الخاصة للمرض الذي نعالجه." 

وتتميز الجهود التي تبذلها دولة قطر في هذا الإطار بعدم عزلتها عن الجهود الدولية مع ازدياد الاهتمام العالمي بمرونة الطب الشخصي. وعلى المستوى العالمي، هناك عدد كبير من مشاريع الجينوم التي تهدف إلى تصنيف المرضى وفقًا لآليات المرض الأساسية والاستجابة للعلاج.