خلفية الندوة:
الفكرة المؤسسة لهذه الندوة هي أنّ الأبواب الموضوعية للحديث تنير طريقة النظر فيه، وهذا بدوره يحلّ إشكالاتٍ في فهمه وتنزيله وتأطيره بالرؤية الكلية للإسلام. إنّ التعامل مع الأحاديث بحسب أبوابها يُقدّم ضوابط أصيلة للتعامل مع الظرفيّة التي تحفّ بها. وأصل هذه الفكرة ليس جديداً بل راسخ في تراثنا، فلقد تنبّه لها المحدّثون فصنّفوا كتبهم على أبواب وفصولٍ تُدرج الأحاديث تحتها، معتبرين أنّ هذا التوزيع مفتاحٌ لفهم الأحاديث الواردة وإشارةٌ إلى مناسباتها وتأكيدٌ على السياق التي وردت فيه. كما أن فكرة الحديث المنكر تتّصل بهذا المعنى، لأن النكارة في المتن لها علاقة في المجال الذي يرد فيه الحديث. وكذلك قام الأصوليون والفقهاء بتطوير شروطٍ في قبول الحديث لا تقتصر على صحّة الإسناد.
يسعى هذا المشروع البحثي إلى المساهمة قُدماً في هذا الاتجاه من خلال تحديد خصائص للأبواب الموضوعية للحديث، لا من
جهة مناسبته التفصيلية المحدّدة التي يتعلّق بها الاستنتاجُ الفقهي الحُكْمي، ولكن من جهة التعامل الجُمَلي مع كلٍّ
من أصناف هذه الأحاديث. وتنتظم خطة المشروع في رسم خريطةٍ خماسية لأبواب الحديث تتقاطع مع أربعة فضاءات تنزيلية.
الأبواب الخمسة للمواضيع هي: الغيبيات و الشعائر و الأخلاق و السلوك و الاجتماع الإنساني (اجتماع واقتصاد وسياسة).
الفضاءات التنزيلية الأربعة هي: القدرة الإنسانية على الإحاطة، ومكان الخبرة البشرية، والتعلّق الظرفي، وتفاعل
الضمير الإنساني. بمعنى أن مسالك التنزيل هذه تختلف طبيعتها بحسب باب الحديث، مما يؤثر في طريقة النظر في الحديث
والتنقيب عن مراده. فمثلاً، التعلّق الظرفيّ عالٍ في قضايا الاقتصاد ومنعدم في باب الغيبيات.